Wednesday, January 25, 2012

لماذا لم ينزل مرشد الإخوان الي ميدان التحرير !!

دعا الدكتور محمد بديع مرشد جماعة الإخوان المسلمين الي الاحتفال بالذكري الأولي لثورة 25 يناير الثورة التي اطاحت بالمخلوع مبارك ومكنت الجماعة من الجلوس علي مقعد فتحي سرور في البرلمان
دعوة مرشد الجماعة أمر يطاع , فنزل الآلاف من شباب وقواعد الجماعة في المحافظات الي ميدان التحرير منذ مساء أمس الأول وشيدو منصة ضخمة حماها من شباب الجماعة ما لا يقل عن ثلاثة الاف
القائد عندما يأمر جنوده بالطبع يطاع ولاسيما لو كان القائد مرشد الإخوان والمتبوعين هم أعضاء هذه الجماعة الأكثر تنظيما في مصر
لكن القائد عندما يأمر يكون علي رأس جنوده , إلا أن الدكتور بديع لم يكن علي رأس هؤلاء الجنود ولم ينزل الي ميدان التحرير لا في هذا الحشد الذي جاء يحتفل بذكري الثورة ولا في اي جمعة أو فاعلية انطلقت من ميدان التحرير او ايا من ميادين مصر
لم يخرج علينا الدكتور بديع في العام الماضي كله عام الثورة الا بتصريحات صحفية وكلمات رنانة من مقره بمكتب الإرشاد  القديم اثناء الثورة بمنطقة منيل الروضة ومن بعد نجاحها بالقصر المشيد في منطقة المقطم
ولعل عدم مشاركة مرشد الإخوان في الميدان تعبر عن مواقف الإخوان من الثورة والتيار الثوري والفكرة الثورية بشكل عام
فبعد قيام الثورة التونسية ونجاحها في 14 يناير من العام الماضي بهروب الرئيس التونسي علي زين العابدين  دعت جماعة الاخوان المسلمين عددا من القوي السياسية في مصر وصاغت ورقة هامة بعنوان " من أجل مصر " قدمت فيها عشرة مطالب اصلاحية بين يدي النظام الحاكم لتهدئة حالة الاحتقان في الشارع المصري مطالبين بضرورة تنفيذ هذه المطالب علي وجه السرعة حتى تتقي مصر ثورة شعبية ستكون أكثر ضراوة وأوسع أثرًا مما حدث في تونس علي حد وصفها في ذلك الحين
وعندما انطلقت الدعوة لمظاهرات 25 يناير أعلنت الجماعة في البداية عدم مشاركتها  الرسمية في هذه الاحتجاجات وذلك علي لسان الدكتور عصام العريان المتحدث باسم الجماعة حينها قائلا : " لن نشارك في احتجاجات 25 يناير لان  الدعوة لتلك المظاهرة دعوة عامة خارجة من الفضاء الإلكتروني وبالتالي فهي موجهة لكل مواطن في هذا المجتمع
وقال أن أفراد الإخوان جزء من الشارع المصري ولهم حق المشاركة من عدمه وفق يرونه
و لكن في الوقت ذاته لن تشارك الجماعة كقوي سياسية أو هيئة سياسية لأن المشاركة تحتاج إلي تخطيط واتفاق بين كافة القوي السياسية قبل النزول إلي الشارع "
ومع بداية يوم 25 يناير نزل عدد من نواب الجماعة في برلمان 2010 علي رأسهم العريان والدكتور محمد البلتاجي في وقفة رمزية أمام دار القضاء العالي بعيدا عن تحركات الشباب التي بدأت في هذا اليوم من امبابة وشبرا وناهيا والتي كان من بين محركيها وقياداتها عددا من شباب الإخوان الذين فصلتهم الجماعة بعد فترة من نجاح الثورة
ولما انطلقت شرارة الثورة في أيام 26 و 27 يناير أجرت قناة فرانس24 مقابلة مع الدكتور بديع مرشد الجماعة من مكتبه في المنيل في عصر 27 يناير قال فيها أنه يدعو مبارك للإصلاح والتغيير واعادة اجراء انتخابات مجلس الشعب , فما كان من موفد القناة وقتها الا مقاطعة المرشد قائلا له : " أن الشارع الان يطالب مبارك بالرحيل وانتم لازلت تتطالبوه بالإصلاح السياسي "
ودارت رحا الثورة الشعبية حتي بدأت الجماعة في ضخ شبابها  تدريجيا مع اواخر يناير وبداية فبراير ومشاركة هذا الشباب بقوة في معركة الجمل يوم 2 فبراير , بينما يدور في كواليس الجماعة شئ اخر يخشي من ان يعود نظام مبارك الي قوته فيطيح بالجماعة , فطلبت قيادات من مكتب الارشاد من القيادات الميدانية الانسحاب مساء يوم 2 فبراير , بينما واجه هذا الطلب السلبي عدد من القيادات الشابة الميدانية الحقيقية والتي شاركت في الثورة دون تكليف أو أمر من المرشد حتي استطاعوا تغيير دفة هذا القرار السلبي ودفع هؤلاء الشباب ثمن هذه المواجهة بعد نجاح الثورة
حيث عندما تمكنت الجماعة قلمت أظافرها وقطعت أصابعها بالإعلان بداية أن ليس لها ممثلين في ائتلاف شباب الثورة الذي أسسه عددا من الشباب الفاعل من التيارات المختلفة وكان بينهم انذاك ولازالوا محمد القصاص واسلام لطفي واحمد عبدالجواد وهاني محمود وعبدالرحمن هريدي وعدد كبير  من شباب الاخوان حتي انتهي الأمر بفصلهم من الجماعة نهائيا
الإخوان ليس في منهجهم الثورة فالجماعة تقوم فلسلفتها علي منهج التغيير المتدرج وليست المواجهة مع النظم
فالجماعة أول ما وجدت طريقا للحوار للابتعاد عن النهج الثوري سلكته فورا حين دعا عمر سليمان الذي عينه المخلوع مبارك وقتها نائبا له لحوار وطني لبت الجماعة هي والاحزاب الكارتونية وكانت نتائج هذا الحوار لم تزد عن وعود باصلاحات سياسية جديدة بينما دماء الشهداء تسيل في التحرير والسويس والاسكندرية وميادين مصر الثائرة
مواقف الإخوان دوما اثناء الثمانية عشر يوما للثورة وبقية العام الغاضب كانت مواقف رمادية , فمع بزوغ سلطة العسكر مالت الجماعة اليهم ورفضت السير وراء الظهير الثوري الذي رأي مبكرا في المجلس العسكري ديكتاتورا جديدا خلفا للمخلوع ورفضت الجماعة المشاركة في ايا من المظاهرات التي تدعو لاسقاط المجلس العسكري بل ساهمت الجماعة في حملة تشويه الثائرين في مظاهرة 27 مايو , وعندما نزلت الجماعة هي وعدد من الحركات والجماعة الإسلامية فيما عرف بمظاهرات جمعة الهوية في 29 يوليو الماضي كانت عناصر الجماعة تهتف عنادا في شباب الثورة " الجيش والشعب ايد واحدة " رغم ان الجماعة نزلت الشارع في هذا اليوم رفضا لما حاول المجلس العسكري فرضه من ميادئ فوق دستورية
كل هذه الأحداث ولم ينزل مرشد الجماعة مرة واحدة الي ميدان التحرير لا فرحا بثورة ولا طلبا لاصلاح ولا ضعطا علي أحد
ولما اشتدت المواجهة بين الثوار والمجلس العسكري فيما عرف بأحداث ماسبيرو ومن بعدها محمد محمود واخيرا أحداث مجلس الوزراء والتي سقط فيها عشرات الشهداء والاف المصابين اخذت الجماعة موقفا سلبيا تماما ورفضت المشاركة في ايا من هذه  الاحداث تاركة الثوار فريسة للمجلس العسكري وكانت دماء هؤلاء الثوار سجادة الامان لانتخابات مجلس الشعب الذي حصد فيها الاخوان الاغلبية
رغم هذه الصورة اختلف تماما مع من يخونون الإخوان لعدم المشاركة في هذه الاحداث فهذا اجتهادهم السياسي وان رأيت أنهم مخطئون فيه , كما اختلف مع من يرون أن الاخوان يقبلون بحكم العسكر , ولكن هم يظنون أن المواجهة المطلوبة من خلال الشرعية والتي نتجت بانتخاب مجلس الشعب الذي سيأتي بكل الحقوق والاصلاحات السياسية وحتي مواجهة العسكر ولكن بمرونة السياسة , بينما يرون في الوقت نفسه أن دور الميادين قد انتهي وحان تسليم هذا الدور للقوي التي انتخبها الشعب ,
فعدم نزول مرشد الجماعة الي الميدان ودعوته للاحتفال بالثورة وليس استكمال مطالبها اشارة هامة تؤكد أن الإخوان يريدون اعلان وفاة الميادين وانتهاء دور القوي الثورية حتي تقوم القوي الشرعية المتمثلة في البرلمان بدورها واستكمال هذه المطالب
ولعل فصل جماعة الإخوان لعشرات الشباب الفاعل فيها والذين كانوا قيادات ميدانية تشرف اي تنظيم هو اعلان موقف من الثوار أنفسهم  وخشية وصول الثزورة الي التنظيم نفسه
الحشد الضخم للاخوان في ميدان التحرير امس واعلانهم الاستمرارفي البقاء حتي الجمعة حماية للمنشأت العامة  هي محاولة  سيطرة علي صورة الميدان بلغة الجماعة وليس بلغة الثورة والثوار  , صورة الفرح والاغاني والاناشيد الاخوانية امس هي محاولة للتغطية الصورة الثورية للميدان
فالجماعة تخاطب ملايين المصريين الذين شاركوا في الثورة ثم عادو الي منازلهم بعد نجاحها ان استكمال هذه الثورة سيكون من خلال البرلمان وليس الميدان .

No comments:

Post a Comment

abdoumonem@gmail.com