Monday, May 21, 2012

دولة التنظيم

عانت تنظيماتنا السياسية في مصر من أحزاب وقوي سياسية من شمولية النظام الحاكم بداية من حكم العسكر في يوليو ١٩٥٢ حتي عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك فانهارت الحياة السياسية كليا ، واصبحت التنظيمات السياسية بين أحزاب وقوي شكلية يستخدمها هذا النظام الشمولي ديكورا له امام العالم الدولي ان لديه أحزابا معارضة ، وبين قوي سياسية اخري أصرت علي الحضور علي أرض العمل العام  رغم محاولات هذه النظم حظهرها وحصارها فعملت تحت الأرض وكونت تنظيمات حديدية في مواجهة بطش هذه النظم الشمولية
وعلي الرأس من هذه التنظيمات جماعة الإخوان المسلمين وهي أكثر القوي التي عانت من بطش حكم الحزب الواحد ونخبة الإدارة الفاسدة في البلاد عبر عصور عبدالناصر والسادات ومبارك ، فسعت الجماعة ان تظل متماسكة وقوية امام صدمات هذه النظم المستبدة عبر تكوين تنظيم قوي يسيطر بيد من حديد علي اعضاؤه حرصا علي التماسك والوحدة وعدم التأثر بموجات الانشقاق والانقسام ، فقامت بتربية وتنشئة هؤلاء الأعضاء المخلصون علي تسليم عقولهم وعواطفهم لقياداتهم التي اعتبروا الثقة فيها ركنا أصيلا في الإنتماء لهذه الجماعة
وعبر سنين المحنة التي عاشتها الجماعة مع أنظمة الحكم سعيا لانتشار فكارها الوسطي ومشروعها الوطني أحكمت القيادة سيطرتها علي التنظيم وقسمت أعضاؤها مراتب عدة حسب ولائهم وتسليمهم لعقولهم لهذه القيادة وتبدأ مراتب هذه الأعضاء من محب الي مؤيد ثم مؤيد قوي ثم منتسب ثم منتظم ثم أخا عاملا ، والأخير هو الذي يبدأ به الشخص عضويته الكاملة في الجماعة ويحق له التصويت في انتخاباتها الداخلية ومن ثم حقه في الترشيح حسب اللائحة الداخلية للتنظيم
وسعت قيادة الإخوان التي ربما لم تشهد تغييرا جذريا منذ منتصف الثمانيات الي أقصي درجات الحفاظ علي هذا التنظيم الذي وصل بها من تعديل دوره من مجرد وسيلة لنقل افكارها ومشروعها الي هدف في حد ذاته واصبح استمراره خيارا استراتيجيا وصل بها في تنظيرها الفكري الي ما يقارب العقيدة
وساعد علي ذلك كثيرا  ثقافة " المحنة " التي تعرضت لها الجماعة طوال هذه السنين من تثبيت دعائم هذه الثقافة في عقول أعضاؤها فكل ما تتعرض له من انتهاك من السلطة وسجن واعتقال ربما يتساوي عندهم لما تتعرض له من نقد لخطابها أو خياراتها السياسية ، واصبح جهاز استقبال أعضاء الجماعة فقط من قيادته التي يرونها دوما راشدة في كل قراراتها .
وفي هذا السبيل سعت قيادة الجماعة والتي ترتبط فكريا بالمفكر الاسلامي المتشدد سيد قطب إلي إقصاء وإبعاد كل من يختلف معها داخليا ، أو من تري هذه القيادة أن مجرد جهاز استقباله بدأ يقبل اشارات أخري بجوار إشاراتها ، وكان يتم هذا قبل الثورة بهدؤ وربما ظهر علي السطح أمام الرأي العام في الانتخابات الداخلية التي جرت في نهاية عام ٢٠٠٩ وأبعدت عن قيادة التنظيم معظم من يطلق عليهم أصحاب الرؤي الإصلاحية والفكرية مثل عبدالمنعم أبو الفتوح و إبراهيم الزعفراني ومحمد حبيب وفي المقابل انضمام عددا أخر من القيادات الوسيطة الإكثر تنظيما وقربا من القيادات المحافظة .
وبعد الثورة التي تماهت معها قيادة التنظيم المنغلق للإخوان في وقت متأخر  ، كنا نظن أن الجماعة ستتخفف من قيود التنظيم وهنا لا نقول حل التنظيم ولكن التخفيف من قيوده المفرطة  ، إلا أن القيادة التنظيمية المنغلقة سعت أكثر لاحكام السيطرة علي أعضاؤها خشية من الحرية التي ستزيل معها ثقافة " المحن والإضطهاد " ويتسع جهاز استقبال المنتمين للجماعة الي ما لا يروق  إلي هذه القيادة
وبدأت القيادة المنغلقة للتنظيم في ابعاد عدد من شبابها الذي شارك في الثورة والاعداد لها منذ بدايتها مع غيره من التيارات الأخري والذي تمثل في فصل تعسفي لعدد من شباب الإخوان الذين أسسوا مع زملاؤهم من التيارات الثورية ائتلاف شباب الثورة وأبرزهم اسلام لطفي ومحمد القصاص وأحمد عبالجواد الذي لولا وجودهم منذ بداية الثورة في ٢٥ يناير ما ذكر للإخوان اسم في هذه الثورة التي تماهوا معها متأخرين وعلي مهل رغم أن الالاف من صفوفها لم يستطيعوا انتظار التكليفات بالنزول الي الشارع ، واخذت قيادات الجماعة موقفها من هؤلاء الشباب مبكرا بداية من يوم معركة الجمل الذي قرر مكتب الإرشاد سحب أعضاء الجماعة من الميدان بعدما تناقلت الأخبار والتهديدات بحدوث مجزرة في ذلك اليوم ، ويروي هؤلاء الشباب الذي تم فصلهم في مذكرة طويلة قدموها لاعضاء مجلس شوري الجماعة اعتراضا علي فصلهم التعسفي : " يوم الأربعاء ٢ فبراير وأثناء الاشتباكات عرفنا من أحد الإخوان من وسط القاهرة أن الجماعة أصدرت قرارا بالانسحاب، فطلبنا من الأخ ط . ج –وكان في طريقه للميدان- أن يذهب أولا إلى مكتب الإرشاد – وكان ذلك يوم الأربعاء المغرب- للاستيضاح ،  والتقى د. محمود عزت في مقر النواب بالإخشيد، وأخبر د. محمود عزت( ط . ج ) : (أنا هقول لك القرار اللي أخدناه وهو الانسحاب، وتم إبلاغ الميدان بهذا القرار) ، فاتصل ( ط . ج ) بأحمد عبدالجواد في الميدان  ليبلغه وأعطى التلفون للدكتور محمود عزت، الذي أعاد له الكلام وأكد على صدور القرار وحاول أحمد أن يناقش الدكتور في الأمر لكن الخط انقطع.. فتم التواصل مع  ( ا . هـ )  بصفته قناة الاتصال مع مكتب الإرشاد - وتم إبلاغه برفضنا الانسحاب، وأن الانسحاب يعني القضاء على الثورة، وأن شباب الجماعة ورجالها مستعدون للدفاع عن الميدان حتى آخر فرد.
وقام محمد القصاص بالاتصال ببعض الأشخاص ليطلبوا من الشيخ القرضاوي أن يقول كلمة لدعم الثوار في الميدان ... وهو ماتم وكان له بالغ الأثر ، وحدث التراجع عن قرار الانسحاب وصمد الناس "
وتبع ذلك رفض هذه المجموعة دعوة عمر سليمان نائب المخلوع حينها للحوار ، فاتصل الدكتور محمد مرسي مرشح الجماعة للرئاسة حاليا بأحمد عبدالجواد مطالبه بأن يختار ممثلين للائتلاف لحضور الحوار مع سليمان إلا أن عبدالجواد أبلغ المرشح الرئاسي رفض الإئتلاف المشاركة في التفاوض مع سليمان
واضمرت القيادة هذه المواقف من هذه المجموعة الثورية التي خرج جهاز استقبالها عن قيادة التنظيم بل ورفضت توجيهاته بل اثرت علي صنع القرار في هذا التنظيم أثناء الثورة ، فكان القرار التنظيمي هو ابعادهم بأي طريقة
واستماتت قيادة الجماعة في الحفاظ علي التنظيم والسيطرة الكاملة عليه ، فحينما اعلنت عن تشكيل حزب  قررت ان تختار مؤسسيه فردا فردا ونقل عن الدكتور محمود عزت نائب مرشد الجماعة : " اننا سنكون آثمين ام لم نختار الربانيين الطائعين لتكوين هذا الحزب " ورغم شروط الاختيار القاسية للأعضاء المؤسسين خشية أي انشقاق قررت الجماعة ان يختار مجلس شوراها رئيس الحزب ونائبه و أمينه العام ومكتبه التنفيذي وكانوا كلهم اعضاء في مكتب الإرشاد لاستكمال سيناريو السيطرة التنظيمية الكاملة ، واختارت المكاتب الإدارية للاخوان في المحافظات مكتب أمانة كل محافظة ، بل يتابع نشاط أمانة الحزب في المحافظة مسئول الإخوان بها
وفي الوقت الذي أعلنت فيه الجماعة تأسيس حزبها ، حاولت مجموعة من الشباب تقديم مبادرة بعقد مؤتمر شبابي يناقش عددا من القضايا الداخلية الساخنة ، وذهبوا بمقترحاتهم الي مكتب الارشاد واجتمعوا حينها بسعد الكتاتني ومحيي حامد و محمود ابو زيد وعرضوا مشروعهم وبعد اجتماعات متكررة رفض مكتب الارشاد دعم المبادرة والمؤتمر ، لمجرد انهم قرروا دعوة الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح والدكتور محمد حبيب , وتدخل الدكتور محمد مرسي وقال لهذه المجموعة انكم خالفتم اتفاقكم معنا ، وحسب مذكرة الطعن علي فصل مجموعة من شباب الاخوان التي قدموها لمجلس شوري
الجماعة ، انه وجه نقدا لاذعا للمجموعة وبدأ يسألهم عن رجعوهم لمسئوليهم في الاخوان قبل الحضور لمكتب الارشاد ، ووجه نقدا لاذعا لاختياراتهم لضيوف المؤتمر قائلا : " اللي ييجي بس أعضاء المكتب ... د. عبد المنعم ود. حبيب مش هينفع ييجوا.. أنا أعرف عنهم أكتر منكم ، وعارف انكم هتطلعو من هنا تجرو على الإعلام تقولوا الكلمتين دول"  وانتهي الأمر بإ صراره علي ان يصدروا تصريحا لموقع الجماعة بإلغاء أو تأجيل المؤتمر ، إلي ان فوجئوا بالمرشح الرئاسي الحالي يعلن علي لسانهم بإلغاء المؤتمر
ولعل اخر حروب القيادة التنطيمية المنغلقة للحافظ علي حالة الشمولية التي ورثوها من النظم التي حكمتهم واضهدتهم هو خوضهم ، هو خوض الجماعة لمعركة وسباق الرئاسة هو مشروع استراتيجي ليس من أجل مصر بل من أجل الحفاظ علي التنظيم وفقط ، حيث سعت الجماعة أن ترشح أحدا من غيرها يملك قوة منافسة أبوالفتوح فيما يملك فسعت وراء المستشار طارق البشري والمستشار أحمد مكي والمستشار حسام الغرياني ، ولما رفضوا جميعا سعوا وراء دعم نبيل العربي ولما رفض ، رضي عدد غير قليل من القيادات دعم منصور حسن وزير اعلام السادات ، فلما تراجع وتناثرت الأخبار أن الجماعة باتت بلا مرشح تدعمه بدأت أعداد غفيرة من ابناء الجماعة تتجه لدعم أبو الفتوح بل دخل عدد منها في ادارة حملته الرئاسية
فخوفا من ان يسحب المنشق الإخواني بساط هذا التنظيم من تحت أقدامهم ، قدمت قيادات التظيم منافسها خيرت الشاطر ومن ثم بديله الحالي حفاظا علي انشقاق التنظيم الذي تتوق افراده لوصول مشروعهم الاسلامي لقمة رأس الدولة
من حق جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة التقدم علي المنافسة مثل أي حزب سياسي ، ولا يجب انكار هذا الحق عن أي تيار سياسي طالما التزم بالقواعد التي ينظمها القانون والدستور ، لكن ما نخشي منه ان  الهف الاستراتيجي بالحفاظ علي التنظيم  ينتقل الي الدولة التي ستصبح تنظيما يحمي دولة الإخوان ،
الإخوان حين يحافظون علي تنظيمهم بهذا الشكل الحديدي ، خشية أي انشقاق فهم يرونه السبيل للحفاظ علي دين الله ودعوته في الأرض التي يظنون أنفسهم مؤتمنين عليها وحدهم
ووفقا لتفكير وادبيات وتربية الإخوان لصفهم قإن التنظيم هو صمام الأمان للحفاظ علي هوية الدولة من أي تبديل أو تعديل .
والقلق الأن من أن تحول قيادة هذا التنظيم المنغلق مؤسسات الدولة الي تنظيم يعود في قرارته الي مجلس شوري الجماعة الذي يسعي للحفاظ علي دولة الإخوان ، فتعود البلاد الي حكم شمولي جديد يسيطر وفق منطلقاته الدينية ، وربما منطق دولة التنظيم يعود بالفكر الاسلام السياسي السني الي ردة حكم بابا الكنيسة في أوربا ابان القرون الوسطي أو حكم المرشد الأعلي وآيات الله في إيران .


Monday, May 7, 2012

أبوالفتوح الإخواني بشرطة المخالف للعقيدة .. وخطره علي تنظيم الإخوان




ينتشر في الأوساط السياسية هذه الأيام مرض خطير اصاب قوي  متضادة في الفكر ، جمع لحمتهم التي لا تجتمع ابدا الا علي مثل هذه الأمراض التي تصيب العقول

المرض العضال الذي جمع قلة من مدعي الليبرالية وكثرة من قيادات جماعة الاخوان المسلمين ، ورجال النظام السابق هو " أبوالفتوح فوبيا " ، فالرجل الذي أصبح رقما صعبا في السباق الرئاسي بات يمثل خطرا علي هؤلاء جميعا
 مدعو الحرية والديمقراطية التي ان ما تصل بغيرهم لسدة الحكم او القبول لدي المجتمع حتي تأتيهم الحالة  وتنقلب لديهم  القيم فيرتدون ثوب " المخلوع " ويصفون الشعب بالجهل لانه لم يختارهم ، 
ولم ينظروا الي أنفسهم لحظة واحدة في المرآة فيتعرفوا علي فشلهم وعدم قدرتهم علي التواصل مع الشارع ويعدلوا من أفكاره نحو الفكرة الليبرالية العظيمة التي تؤسس حرية الفرد في الاختيار ، لكن الحقيقة أنهم فاشلون وكاذبون لانهم مدعيين ليبراليية وهي براء منهم 
كما يمثل أبوالفتوح خطرا علي مدعيين آخريين يتشدوقون بكلمات الله ويتحدثون عن الأمانة والأخلاق وهي من أفعالهم براء من مكر وخبث وخديعة يمارسونها خلف الأبواب ظنا منهم انهم الوحيدين الذي يحافظون علي دين الله في الأرض وأن مخالفهم قد بدل دين الله وخلع عن رقبته بعيته الي الله عز وجل ، فيقتطعون جهلا وزورا من الأيات والأحاديث إلي ما  يؤسس  الي تفكيرهم ويعتقدونه هو الصحيح ، فهم جهلاء وان حسنت نواياهم 
وقفت قيادات الاخوان تصف أبوالفتوح بأنه خارج عنها زعما أنه لم يلتزم بالقرار الذي هم راجعوا أنفسهم فيه ، ووقف الي جوارهم مدعي الليبرالية يتهمون أبوالفتوح بأنه " اخواني بشرطه " وكأن الانتماء لهذه الجماعة الوطنية سبة وعيبا ومرضا أصاب كل من اقترب منها 
وبدا الجهل ينضح من أفواه الطرفين ولكن للعجب فهو سما زعفا في وجه رجل لم يعرف عنه يوما غير حبه وتضحيته لبلده ، متجاهلين استماته فلول "المخلوع " وعلي رأسهم المجلس العسكري الحفاظ علي نظام الاستبداد والفساد باستمرار سيطرة حكم العسكر علي البلاد 

كيف نري جماعة الإخوان المسلمين 

ولدت وجدت نفسي اخوانيا وتشبثت في أهداب هذه الجماعة وعملت ضمن صفها المخلص وأُذيت في مالي وعملي وحريتي مرة واثنين وثلاثة ومات أبي كمدا وحزنا وقهرا علي ظلم النظام السابق لابنه وهذا حال الآلف من أبناء هذه الجماعة ،  وقررت في ٢٠٠٨ أن أترك " التنظيم " بعد أن غٌذيت من نهل هذه الجماعة ربما أكثر من أقراني ، من فكر وسطي ومعتدل ووطني ، لكني قررت ان اترك هذا " التنظيم " الذي رأيت أن قياداته ضاقت بمعاني الاختلاف والمناقشة بحثا عن صف يسمع ويطيع في ظروف صعبة من قهر واستبداد النظام الحاكم وذلك حفاظا علي " التنظيم " الذي تري القيادات ان دين الله لن يقام بغير الحفاظ عليه  ، وربما تجور علي حريات أفرادها وعقولهم من أجل الحفاظ علي هذا التنظيم حتي بات لديهم هدفا استراتيجيا وليس  مجرد وسيلة ، ومن أجل هذا الهدف الخاطئ انتهكت هذه القيادات أعراض اخوانهم وشككت في نواياهم ووصل لعدد من هذه القيادات الي الكذب فيما سميناه " الكذب في الله " حفاظا علي هذا الهدف 
فقررت ان انفصل عن أي تنظيم أو حتي حزب سياسي بحثا عن الاستقلال والحرية الشخصية ، فخروجنا من " تنظيم الإخوان " كان اختلافا سياسيا مع " قيادات التنظيم " علي أسلوب اداراتهم للجماعة علي خلاف ما تأسست من أجله من أهداف وطنية نبيلة لا يمكن أبدا فصلها عن أهداف أي جماعة أو حزب آخر يحب هذا البلد 
وتحدثنا كثيرا مع هذه القيادات أنه لا يجب تضييق هذه الجماعة " المدرسة " علي أنها حزب سياسي وان عليهم قبول الاختلافات الفكرية والسياسية التي أبدا لا تختلف عن القيم الأساسية لهوية المصريين ولكن ضاقت عقولهم وصدورهم خوفا من انشقاق او انقسام هذا " التنظيم " الضخم 
مواقف قيادات تنظيم الإخوان من أبوالفتوح 

ومن هذا المنطلق ابتعد الكثيرين من أبناء هذه " الجماعة المدرسة " عن " التنظيم المنغلق " وتأدباً منهم لم يقدموا استقالات وتنزيها للجماعة عن الهدف الاستراتيجي الخاطئ وهو " الحفاظ علي التنظيم " ، ولكن راحت قيادات التنظيم المنغلق تشوه كل من خرج حتي لا يتبعهم تابع ، وأصدرت في حق من ابتعد عنهم قرارات فصل لو تم مراجعهتها علي لوائح تنظيمهم المنغلق فهي تعسفية ، ووصلت  الخصومة بعدد منهم الي الفٌجر حتي وصفت قيادات تاريخية كان لها ادوار كبيرة داخل الجماعة انها لم تنتمي الي التنظيم ، والتشكيك في عقائد هؤلاء المختلفين معهم 
وهو ما أكده لنا عدد كبير من قيادات الدعوة السلفية والجماعة الاسلامية ، ان اللقاءت التي جمعتهم بقيادات التنظيم الاخواني خلال الأيام الماضية، أنهم دوما ما شككوا في عقيدة الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح وقيمه الإسلامية لإثنائهم عن تأييده في السباق الرئاسي ، و وصل بهم الي التشكيك العلني في عقيدة الرجل في رسالة العتاب التي كتبها الدكتور محمود غزلان المتحدث باسم هذا "التنظيم المنغلق" الي السلفيين بعد اعلان تأييدهم لأبوالفتوح 
http://ikhwanonline.com/new/Article.aspx?ArtID=107902&SecID=391
وفي هذه الخصومة الفاجرة شاهدنا قيادات التنظيم تجرح علنا في أفكار وعقيدة الرجل  منها  ما قاله الدكتور محيي الزايط عضو مجلس شوري الجماعة ومسئول شرق القاهرة في التنظيم بأن أبوالفتوح  سيدخل الاخوان السجون بعد نجاحه في الرئاسة 
وقيادي الاخوان في البحيرة الذي سٌرب له مقطع صوتي في لقاء مع عدد من الأخوات " نساء الجماعة " وهو يقسم لهن عبثا و"هطلا" أن أبو الفتوح سيمنع الحجاب والأذان اذا ما اصبح الرئيس 
ويخطئ من يظن أن هذا الفٌجر في خصومة أبوالفتوح وليد ما يزعمونه أنه خالف قرار الجماعة بالترشح للرئاسة او حتي انه في اطار الحروب الدعائية بين المرشحين للرئاسة ، الامر قديم بداية من عام ١٩٩٥ عندما برز تطور الرجل فكريا  ودعمه وتأيده لانشاء حزب سياسي للمجموعة التي انشقت عن" التنظيم " في عام ١٩٩٦ لتأسيس حزب الوسط ،
 ثم كانت كارثة الكوارث لقيادات هذا التنظيم المنغلق عندما تخطت جرأة آبو الفتوح الفكرية في تجديد الخطاب الإسلامي وإعادة قراءة النصوص وتجديدها حسب تطورات العصر ليكون بحق مفكرا تجديديا جريئا وبدأت شجاعتة الفكرية حين اختلف مع أفكار سيد قطب الذي ينظر لها جموع الإخوان والحركات الإسلامية علي مستوي العالم نظرة قد تصل إلي التقديس , فأبدي أبو الفتوح اختلافه مع أهم نظريتين لقطب وهما الحاكمية وجاهلية المجتمعات والتي توسع فيها قطب رحمه الله 
وكلف هذا الإختلاف أبو الفتوح الكثير من المشاكل التي تعرض لها داخل التنظيم الذي كان وقتها أحد أهم قياديه حيث وصفه عدد من المحافظين داخل الجماعة بأنه مارق بل وصل الأمر إلي أن وصفه أحد دعاة الجماعة علي منبر صلاة الجمعة بأنه مارق وما يقوله خارج عن نطاق الإسلام , كما  وصف الشيخ محمد الخطيب عضو مكتب إرشاد الجماعة ومفتيها السابق آراء أبو الفتوح بأنها باطلة لا أساس لها من الصحة ولا تلزمنا لأنه آراء غريبة حين استفتاه أحد أفراد الجماعة عن رأيه الشرعي فيما قاله أبو الفتوح أنهم لا يختلفون مع رواية مثل وليمة لأعشاب البحر وكان الخلاف الذي أثاره نواب الجماعة في مجلس الشعب لانها تم طباعتها علي نفقة الدولة فرد الخطيب : " هذا القول الذي سمعته أو قرأته من أن البعض ضد منع روايات الإلحاد وإشاعتها، هذا القول باطل لا أساس له من الصحة ولا يلزمنا لأنه غريب علينا فالمنكر آياً كان مرض ضار للأمة كلها وأعلى درجات المنكر تسويغ الإلحاد من خلال روايات ما أنزل الله بها من سلطان "
معارك أبوالفتوح كانت واسعة النطاق داخل الجماعة ولعل أشهرها انتقاده لما قام به المستشار مأمون الهضيبي بعد وفاة محمد حامد أبو النصر المرشد الرابع للجماعة فأعلن الهضيبي البيعة لمصطفي مشهور مرشدا رابعا في المقابر أثناء دفن أبو النصر فأرسل أبو الفتوح وغيره من جيل السبيعنات اعتراضه علي هذا الموقف الذي يخالف مبدأ الشورى ويخالف اللائحة التي تستلزم اختيار المرشد بالإنتخاب , وخاض أبو الفتوح معاركه داخل السجن ، حينما ثار خلاف بينه وبين الدكتور محمود عزت الذي كان يراجع رسائل الإخوان داخل السجن فاعترض أبو الفتوح عليه واتهمه بأنه يدير " جوستافوا " داخل السجن
الخطر الذي يمثله أبوالفتوح علي تنظيم الإخوان 
من هذا التاريخ استطيع أن أجزم ان خوض الإخوان لمعركة وسباق الرئاسة هو مشروع استراتيجي ليس من أجل مصر بل من أجل الحفاظ علي التنظيم وفقط ، سعت الجماعة أن ترشح أحدا من غيرها يملك قوة منافسة أبوالفتوح فيما يملك فسعت وراء المستشار طارق البشري والمستشار أحمد مكي والمستشار حسام الغرياني ، ولما رفضوا جميعا سعوا وراء دعم نبيل العربي ولما رفض ، رضي عدد غير قليل من القيادات دعم منصور حسن وزير اعلام السادات ، فلما تراجع وتناثرت الأخبار أن الجماعة باتت بلا مرشح تدعمه بدأت أعداد غفيرة من ابناء الجماعة تتجه لدعم أبو الفتوح بل دخل عدد منها في ادارة حملته الرئاسية 
وتبدي الخطر امام الإخوان وابدي حراس المعبد داخل التنظيم قلقهم من  أن يسحب المنشق أبوالفتوح أتابعهم ويصير لهم زعيما ، فقررت هذه القيادات ان تخوض معركة الحفاظ علي التنظيم من خلال المنافسة المباشرة لأبوالفتوح علي منصب الرئيس ، وقررت الجماعة الزج بالرجل القوي فيها خيرت الشاطر الذي يملك كاريزما تنظيمية كبيرة رغم انه لا يمتلك أي شعبية لدي الشارع السياسي  ، لكن الهدف ليس هذا الشارع ، المهم ضبط هذا التنظيم الذي يملك ماكينة انتخابية كبيرة تروج له فيما بعد ، ولقلق التنظيم من خسارة هذه المنافسة أقدمت علي تقديم مرشحها الاحتياطي الدكتور محمد مرسي الذي لا يملك أي قبول بين القوي السياسية والاسلامية منها آيضا وهو ما ظهر بعد ذلك من دعم القوي الاسلامية الكبيرة لأبوالفتوح 
تخشي جماعة الإخوان كثيرا من تكرار التجربة التركية التي تتمسح فيها حاليا ، التجربة التركية التي جعلت التلميذ النجيب رجب طيب اردوغان ينشق عن استاذه أربكان ويؤسس لحزب أكثر رشدا ووعيا بالحالة التركية ويسحب البساط كليا من تحت قدم استاذه القديم ليصبح حزب العدالة والتنمية التركي الذي يقوده أردوغان الحزب الأقوي والمؤثر ليس في جماهير الأتراك ولكن في جماهير العالم الإسلامي كله 
يخشي حراس معبد التنظيم الإخواني من  أن يكرر المنشق أبوالفتوح نفس سيناريو أردوغان  وينسحب البساط من تحت قدم هذا التنظيم الضخم ، فأبوالفتوح استطاع هو فريقه الصغير أن  يصل عدد المتطوعين في حملته الي ما يزيد عن ١٠٠ ألف شخص من تيارات مختلفة تماما يساريين وليبراليين وسلفيين الذين يرونه معبرا عن تيارا أكثر شعبوية  يعبر كل الانتماءات  الإيدلوجية والحزبية .. مشروع وطن كما أطلقوا هم عليه ، 
من هذا المنطلق ربما يعاقب قيادات التنظيم الإخواني المصريين  كلهم بمعركة تفتيت أصوات بين أتباع وأبناء الجماعة المخلصين وأنصار أبوالفتوح الأكثر شعبية ، وهي معركة تصب في مصلحة مرشحي الفلول الذين لم ينالوا شئ من انتقادات التنظيم والطرف الاخر من مدعي الليبرالية مثلما نال عبدالمنعم أبو الفتوح من انتقادات