Monday, June 30, 2008

ماذا بعد


جائتني هذه الرسالة من أخت كريمة علي البريد الإلكتروني ثم وجدتها علي صفحات مدونتها وعلي صفحات موقع ملتقي الإخوان

تابعناك منذ بداية الخط الجديد الذي ابتدعته في انتقاداتك لتوجهات الجماعة ، منذ موضوعاتك الأولى على مدونتك الخاصة ، وولادة هذا اللون الجديد الذي ظهر في حديث الكثير من الشباب على المنتديات وفي جلسات النقاش ، حول التغيير وحتمية الاصلاح الداخلي للجماعة .
ومع هذه البداية القوية والحراك الفكري الذي ظهر في الجيل الجديد ظهرت بعض الأسماء منها إسمك ممن أثاروا الكثير من الانتقادات من الداخل ،ومع القلق الذي كان واضحاً من انتشار حالة من التخبط ، حدث تراجع نوعي في االأسلوب ، فظهرت المدونات بحلة جديدة ، وألصق الكثيرون جملتهم المشهورة " أنا من مدوني الإخوان "...
ومن هنا ابتدعت أنت هذا الأسلوب ،فأصبح كل طفل وشاب وفتاة يكتب على مدونته "أنا من مدوني الإخوان " .. ثم يبدأ في ارتداء قبعتك في التفكير ،ناقداً ما يحدث داخل الجماعة داعياً إلى التغيير ...
وأصبح الكل يجلس خلف لوحة المفاتيح يُحلل ، و ينقد وكأن حالة من الإلهام الفكري السياسي قد أصابت الجميع مرة واحدة ..
أنا معك أن موضوعات النقد كلها تلمس واقعاً حياً وربما كان الكثير منه صحيحاً ، فالكثير يدرك حاجتنا إلى التغيير والإصلاح .. ليس على مستوى مناهج ، وأهداف مرحلية وحسب ، ولكن دعوة لإصلاح التوجه العام ، وآليات الجماعة ، وتعاطيها مع المستجدات على الساحة وطبيعة المرحلة التي يعيشها العالم ... وبات الكثير يتحدث عن أهمية مراجعة ثوابت الجماعة ، ونخل ما جاء في تراثها ليتناسب مع متطلبات العصر ..
الظاهرة التي إبتدعتها ، رافقتها انتقادات من خارج الجماعة من مختصين أو من أناس كانوا أفراد سابقين في الجماعة ،كما تزامن كل هذا مع انتقادات أخرى خارج مصر مع إشكالات الجزائر الأخيرة التي خلقت جو من النقاش والخلاف الساخن بين شباب الحركة ، وبعدها أحداث لبنان ، ومن قبلها العراق ، وما حدث معه من تصريحات للمرشد ، وحوارت انتقدت فيها الجماعة ..ثم جاءت انتخابات مجلس الشورى داخل الجماعة ، وقبلها الانتخابات في الأردن .. وغيرها من أمور أخذت حظها في الانتقادات والحوارات والتصريحات هنا وهناك من داخل أفراد الجماعة ومن خارجها ، والشرح يطول والأحداث أطول أو عقد من أن أكتب عنها في سطور .. لكن أردت بحديثي هذا أن أقول لك ، اننا الآن أمام حالة من التخبط والتششت الفكري أُصيب بها قاعدة ليست بقللية من الشباب ، حتى وإن لم يكن الكل يتحدث بنفس نبرة الحديث ، لكن هناك تململ عام من الوضع الداخلي للجماعة ..
لكن..
وبعد أن كنت ممن بدأوا تلك الظاهرة من النقد والدعوة إلى الإصلاح الداخلي ، وبعد أن كتبت ما أردت كتابته من مقالات ، وموضعات على المودنة الخاصة بك ، وبعد أن وصل صوتك لأصحاب القرار في الجماعة ، وبعد أن انتشرت تلك الظاهرة بين شباب الإخوان على مستويات مختلفة ..
ماذا بعد؟
لماذا أخذك خط نقد الجماعة بعيداً ، فخلطت بين عملك المهني كصحفي ، وبين طريقة تفكيرك وإيمانك بالإصلاح ؟غيرك قد عرف طريقه وترك الجماعة وبحث عن البديل ، لكني أراك وقد وقفت على الباب فلا أنت خرجت ، ولا أنت دخلت ..
كلنا نَنُقد ما يحدث ، ونحاول .. ، وربما نصطدم بالواقع المرير ، لكن ..منا من أراح نفسه ،و بحث عن بديل ليضع فيه جهده في سبيل نهضته ونهضة مجمتعه ..ومنا من يأس من محاولات الدعوة إلى التغيير ، لكنه ظل يحلق داخل السرب مؤمناً أن لا بديل خير مما نحن فيه محاولاً بذل ما يستطيع ..ومنا من رأي أن الزمن جزء من العلاج ، فاستمر في إتجاه تفكيره يجتهد ولا ينظر وراءه.ومنا من هو مقتنع بأننا بخير ولا نحتاج إلا إلى بعض الإخلاص وفقط لنسير كسابق عهدنا .
أمّا أنت .. فماذا تريد ؟
هل تُحسب من شباب الجماعة الغيورين على صرح له تاريخ في النهضة ، وتريد له الاستمرار؟أم أنك تلملم ما تبقى لك من ذكريات داخل الجماعة ،استعداداً للرحيل ؟
إن كنت تريد الأصلاح حقاً ، فلن تكون نبرتك في الحديث عن الجماعة بهذا الشكل الذي ورد في مقالاك الأخيرة .وإن كنت ممن يسعون إلى نهضة المحتمع والبحث عن الحلول لقضاياه ومشاكله ، فاعتقد أنه ليس الطريق ولا الأسلوب الأسلم للوصول لما تريد ، فإسراف الوقت والجهد في نقد جماعة الأخوان المسلمين لن يُصلح مجتمع ، ولا يقيم نهضة ..
كنت أتمنى أن تستمر في تبنيك لقضايا الإصلاح من أجل الإصلاح والتغيير وفقط ، حتى وإن لم تجد آذاناً صاغية لما تقول ...لا أُحملك ظاهرة ولا تبعاتها ، لكن .. ربما كنا بحاجة لمن يفكر ويسعى ويبذل ما في وسعه للنهوض بمن حوله ، دون أن تختلط عليه الأهداف ، ويضيع بين الرؤى ..
والآن .. وقد أخذتك أمواج التغيير بعيداً عن الشاطئ ،فلا أنت وصلت إلى بر الأمان ، ولا أنت وجدت الشاطئ البديل ..ماذا بعد ؟

وبعد أن قرأت الرسالة شعرت بحرص شديد من المرسلة ومن شاركوها بداية علي هذه الدعوة وشعرت منهم أيضا حرصا واخوة طيبة تجاهي تحاول نصحي فلهم جزيل الخير من الله عز وجل علي هذا الحرص وقد أرسلت اليها ردا أكدت فيه أ هذه الرسالة قلبت في نفسي المواجع وبالفعل منذ فترة وأنا أريد الإجابة علي هذه الأسئلة لتريح اناس كثيرة مخلصة وأناس آخرين قليلي العدد شعرت منهم سؤ النية والقصد
وكنت اود تاجيل الاجابة ليس لشئ يخصني بشكل كبيرولكن للصالح العام لاني اكيد ساطرح اختلاف وسأكون صريحا أنه سيكون قاسيا وانا لا اريد احد ان يستغل طرحي في تشويه الصورة العامة للجماعة لاني اكيد حريص علي الجماعة التي لن اتنازل عن أفكارها الوسطية أبدا ولن أرفع عن مدونتي اسم أنا إخوان إلا أني مختلف حاليا مع التنظيم الذي له من الأفضال علي ما ان أنكره إلا وأكون جاحد وناكرا لنعمة الله علي
أشعر أني استفضت فيما لا أريد أ أستفيض فيه حاليا قريبا سأجتهد في الإجابة علي رسالتكم الكريمة واتمني أن ندرك أننا كبشر نصيب ونخطئ وحسبي أني أجتهد ففيما أني كنت مخطئ أنتظر من الله عز وجل أن يغفر لي وأن يؤجرني أجر الإجتهاد وأتمني أن نرسي قاعدة بشرية مهمة إن الإختلاف لا يفسد للود قضية


الصورة مقتبسة من مدونة صاحبة الرسالة

Friday, June 27, 2008

مغص عقلي


مقال مهم وشيق ومبدع كتبه الأخ والصديق وائل عادل علي موقع أكاديمية التغيير أجده مناسبا لزوارنا الإطلاع عليه

أنس خطب يا رجاله


أخيرا هذه الكلمة التي استقبل بها الأخ الحبيب والصديق الأصيل أنس القاضي مهنئيه علي خطبته السعيدة بالأستاذة فاطة الزهراء

أنس الصديق والأخ هو نعمة من الله عزوجل تجده دائما أول من تلجأ وآخر من تظن انك تستطيع أن تقطع علاقاتك بهم

أعرف أنس القاضي من السنوات الأولي في الجامعة في منتصف التسعينات ومنذ عرفته عرفته رجلا مقداما وبدأ علاقة الصداقة تتوطد بيننا في عام 2002 ومن يومها فأنس خير صديق لذلك فعروسته ستحسد عليه كثيرا وأدعوها لاكتشاف هذا بنفسه

وبارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينما في خير

Tuesday, June 24, 2008

الدكتور إبراهيم الزعفراني في حوار كاشف : الإخوان بين مدرستي التلمساني ومشهور


الدكتور إبراهيم الزعفراني في حوار كاشف لم تنقصه الصراحة علي موقع إسلام أون لاين
جماعة الإخوان المسلمين تضم مدرستين، لا يميل هو إلى تسميتهما تيارا إصلاحيا، وتيارا محافظا؛ لأن كليهما إصلاحي، وكليهما محافظ، ولكنه يرى أن هاتين المدرستين تدين كل منهما بريادتها إلى مرشدي الجماعة، الأولى: كانت من نصيب المرشد الثالث للجماعة عمر التلمساني، أما الثانية: فكانت من نصيب المرشد الخامس مصطفى مشهور.
أقرا الحوار كاملا من هذا الرابط

Wednesday, June 18, 2008

لو مش حتحلم معايا مضطر أحلم بنفسي

لو مش حتحلم معايا مضطر احلم بنفسي

لكني في الحلم حتي عمري ما ححلم لنفسي

لو كنت راح افتش عن منصب و لا جاه و اصاحب الحذر

دانا ابقي ما استحقش حلاوة الحياة و ضحكة البشر

يا صاحبي يا صديقي ياللي طريقك طريقي

دا انا يوم ما عيش لنفسي ده يوم موتي الحقيقي

Sunday, June 15, 2008

أحلام العصافير (2)

الدكتورة هبه رؤوف تستكمل أحلام العصافير
راهنت في مقالي الأحد الماضي على الإخوان لكسر الحلقة المفرغة التي يدور فيها الوطن من استبداد وموت للسياسة، راهنت رغم تقييمي المتحفظ على أدائهم السياسي مقارنة بقدراتهم والمصداقية التي يتمتعون بها(مسألة نسبية)، ورغم أنهم يتقدمون حين ينبغي الحذر كما في طرح برنامج خذل الناس يحتاج لإعادة صياغة ليس لمضمونه فحسب بل أساساً للعقلية (أو المجموع الحسابي لعدد لا بأس به من العقليات التي صاغته ابتداء) ليتم شحذ حسها المدني والديمقراطي .. والإنساني (الذي هو : الإسلامي)، ورغم أنهم يتراجعون حين ينبغي لهم أن يتقدموا، ورغم أنهم يدفعون ثمناً باهظاً دون مقابل سوى المزيد من تراكم الشعور بالمظلومية (على حد تعبير إخواننا الشيعة) أي إنهم مظلومون دائماً، وهم كذلك في بعض الأحيان، لكن يمكنهم الانتصار أحياناً لكن لا يتقدمون ولا يستغلون الفرص.
قيل.. وسيقال: “أنت لا تعرفي خبايا الأمور ولا حجم التحديات”، وسيقال: “ليس كل ما يعرف ينشر!”، وسيقال: “مالك اليومين دول.. إحنا ناقصينك!” وقد يقال: “إنت مش عاجبانا الأيام دي..مالك مهزوزة كده ليه؟؟” بل وسيقال: “يبدو أنك قررت ركوب الموجة والهجوم على الإخوان طمعاً في الشهرة أو للفت الأنظار”. على العموم.. الله يسامح من قال، والله هو الحكم على ما قد كُتب وقيل.
أزعم- والله وكيلي- أنني أحرص على الإخوان أكثر من بعض القيادات التي ترى نفسها خارج أي توازنات للقوة (هكذا)، وكأن تنظيم يبحث عن تغيير توازنات القوى يمكن أن يكون بريئاً بالكلية من حسابات القوة، وأزعم أنني والحمد لله ليس لي غرض فيما أكتب، فلست عضواً في الإخوان ولست عضواً في أي تنظيم من أي نوع،وبالتأكيد أنا لست من أنصار الحكومة .. نسأل الله حسن الخاتمة، بل أنا فقط مواطن على باب الله .. وأتعجب ممكن يكررون من كوادر الإخوان العليا أنهم كلهم إخوان وليس لهم أي غرض، كثير منهم بالفعل ليس له غرض بل يدفع ثمنا باهظا لمواقفه ومواقف قياداته بالأساس، لكن الإخوان ليسوا أطهر من الذين أسلموا مع رسول الله والذين أنزل الله فيهم :”منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة”.. فالسياسة لعبة مدهشة، ولا يشفع لهم ببساطة أنهم يواجهون جيشاً من الذين يريدون الدنيا .. فقط.أراهن على الإخوان لسبب بسيط .. أنهم أهل للرهان في تقديري الشخصي، ولأني أحسب أنهم قادرون على أن يتغيروا، (وإن كنت لا أجزم ما إذا كانوا يريدون .. فتلك مسألة تتعلق بالإرادة وليس بالقدرة فقط)، ولا يوجد سبب للظن بأنه لا أمل فيهم كما يكرر على أسماعنا صباح مساء أصدقاءنا من الجيل القديم من اليسار، فالمشكلة في تقديري ليست مشكلة تيار بل مشكلة قرار، وقضية تدافع بين الأفكار والأجيال وهو سنة الله في المجتمعات والتجمعات .. لو يعلمون.
الإخوان أشبه بجسد ضخم، والجماعة تفتقر منذ قترة لقيادات فكرية (بمعنى المفكر العضوي ذو البصيرة التاريخية)، وهذا لا يعني أنه ليس لديهم قيادات حركية مثقفة ، ما أقصده هو قيادات فكرية بالمعنى الثقيل، أي قيادات فكرية تصوغ رؤى مستقبلية وتجدد المنهج والمفاهيم وتتمتع بوعي تاريخي باللحظة السياسية وبقدرة على النفاذ لمتغيرات الواقع وسيناريوهات المستقبل لتضع فكر وحركة الإخوان على خريطة المستقبل.تكتب وتنشر فكرها لا تتداول بعض التصورات في دوائر تنظيمية مغلقة.
هذا الجسد الرابض والذي يفرض ثقله على الساحة ويعوق أي حركة تحاول التطوير من الداخل أو الخارج، ويحتل مساحة على أرضية الغضب الخصبة تُحَجّم الباقين وتضع سقف لحدود الحركة ، هذا الكيان يحتاج تحريك وتنظيم لكتلته ويحتاج ترشيد وتوجيه لحركته، فهو أشبه بالفيل الذي يدوس الورود دون أن يراها أصلاً ويحجب الشمس عن النبت الصغير ويزعج بصوته كل طيور الأشجار المغردة.. ويسد الطرق، لكن ينبغي ولا بد أن نعلم (وتعلم دولتنا البوليسية) أننا لن ننجح في تقليص حجمه لأنه نتاج تاريخ طويل والتاريخ لا يمكن إلغاءه،ونتاج حاضر والحاضر ضاغط، لكن يمكن إقناع الفيل بأن يتخذ له دليلاً يبصره بمواضع قدمه وأن يقلل من ضوضاءه قليلاً وأن يكون رصيداً للباقين بأن يحملهم فوق ظهره لبر الأمان بدلاً من أن يدوسهم بأقدامه دون حتى أن يلتفت لما يفعل من كوارث. مهمتنا الصعبة أن نعلم الفيل الرقص والرشاقة، أو أن نقنع الفيل بأن الأفيال الصغيرة أقدر على رؤية الأرض وتمييز مجريات الأمور على المستوى الحقيقي فلا ضير من أن يدع أفياله التي خرجت من صلبه تدله على أسلم المسالك وفي هذا راحة للجميع.
وضعت أربع نقاط للتغيير فاتُهمت بالتسطيح، فلا بأس من التفصيل فيها، وسأتناول في مقالاتي القادمة كل نقطة على حدة: طلبت أن يتنحى المرشد وهو رجل له تاريخه الناصع وحضوره على الساحة لكن آن الأوان للتغيير- لا تغيير المرشد كشخص (فالأمر أكبر والخطب أجل من الأشخاص) بل تغيير النظر لدور القيادة وتنظيمها(بما في ذلك دور النساء ودور الأجيال الأصغر ) .والثاني انسحاب الإخوان من المجلس وإخلاء الدوائر والرجوع بالسلطة للناس الذين انتخبوهم لأنهم تم منعهم بكل الحيل والألاعيب السياسية من الدفاع عن مصالحهم وهذا ليس ذنب الإخوان بل ذنب النظام الحاكم والحزب المسيطر، ، والثالث أن يعكف الإخوان على تغيير برنامجهم، لا بدعوة بعض القيادات وبأعداد كبيرة في لجان لصياغة برنامج جديد سيفتقر للتجانس كسابقه بل بفتح نقاش حقيقي حول أولويات الجماعة ومراجعة واسعة لمنطلقاتها وتلمس سبل التغيير وتحقيق تواصل أفقي بين أعضاءها وإلا ستشيخ وتموت ويكون ذلك مآلها وفق السنن الربانية، وفي هذا خسارة كبيرة لها ..وللوطن، وأن يتم ذلك أيضاً بفتح نوافذ الحوار مع التيارات الأخرى للوصول لإجماع وطني مواز، وأخيراً الخروج من مأزق الشعارات لمرحلة صناعة السياسات، ولديها رصيد لا بأس به من الأعضاء الذين حظوا بخبرة برلمانية جيدة وآن لهم أن يشكلوا “حكومة ظل” بحقائب وزارية تشترك فيها التيارات السياسية الأخرى بكوادرها المتعقلة الراغبة في إنقاذ السفينة ويقدم الإخوان تنازلات في عدد حقائبهم لأن مسئوليتهم التاريخية في تحقيق الهدف أكبر بحكم الحجم والتأثير..
وللحديث بقية..
ونسأل الله صلاح القلب والنية.

أحلام العصافير (1)

الدكتورة هبه رؤوف تكتب عن أحلام العاصفير
أتأمل المشهد في مصر بين الحين والحين من مسافة، إما مسافة مكانية عندما أسافر للسير والنظر في أرض الله الواسعة، أو مسافة تصورية افتراضية حين أحلم، فعصر اليوتوبيا لم ينته، ولا حتي عصر الأيديولوجيا.. والفارق بينهما ليس كبيراً.اليوتوبيا كلمة تعني خارج المكان أو اللا مكان، حلم لا يتحقق داخل هذا العالم، أو على وجه الدقة: لم يتحقق بعد. والأيديولوجيا هي منظومة أفكار متماسكة لتفسير العالم ببساطة وبشكل واضح يدور حول عدة مفاهيم مركزية تشرح كل شيء، مثل مفهوم الصراع الطبقي في الرأسمالية، أو مفهوم المجتمع الذكوري والثقافة الأبوية المركزية في النسوية التي كانت تياراً ينادي بالمساواة ثم أضحت أيديولوجية تنطلق من التمركز حول المرأة، أو مفهوم العقلانية والفردية والمنطق الوضعي في الليبرالية. وبين الأيديولوجيا واليوتوبيا علاقة وطيدة، فالأيدلوجية أياً ما كان لونها تستبطن حلماً، والأحلام لا تموت..
منذ فترة يلح عليَّ هذا المقال، تناقشت في فكرته مع أصدقاء من تيارات فكرية وخلفيات سياسية مختلفة، فلم يوافقني علي أفكاري أحد، البعض قال هذا مستحيل من الناحية العملية، والبعض الآخر قال هذا غير مفيد، وفريق ثالث قال لي في حكمة واتزان: ستخسري الكثير لو أعلنتي عن هذا المشروع المقترح، وقد تدخلي في دائرة الخصومة مع من تربطك بهم صداقة عمر.
لكن السيناريو ظل يتطور في ذهني، وأصبحت تلك الأفكار تلح عليّ، وأصبح كتمانها يمثل بالنسبة لي عبئاً نفسياً وأخلاقياً مع استمرار جمود مشهد الواقع السياسي، فقررت أن أتوكل علي الله وهو حسبي، وأن أكتبها وأجري يتراوح بين نصيب من اجتهد فأصاب، أو علي أقل تقدير أجر من اجتهد فأخطأ.
أما خسارة الأصدقاء أو اكتساب الأعداء فليس من اختصاصي، فأنا لا أشتغل بالسياسة بل أشتغل مواطناً، وأنا بحكم أنني مواطن محترف نتيجة التخصص أسعي لاكتساب الأصدقاء، فمن وجد في كلامي ما يستدعي مخاصمتي، أو مهاجمتي، فلا بأس، نصيب بقي.. نعمل إيه.. الله غالب.
ندخل في الموضوع بعد تلك المقدمة.
لم يعد معقولاً أن تستيقظ مصر كل صباح علي نفس الأسئلة، من سيخلف حسني مبارك، هل جمال مبارك سيرث الحكم أم سيتدخل الجيش، متي يتوقف احتكار الأقلية للحكم والثروة، ما التعديل القانوني القادم الذي سيمر من فوق رأس الإخوان ومن تحت أنف الناس، سواء كما حدث في قانون الطفل وقانون المرور، أو باقي القوانين علي القائمة؟!
لم يعد معقولاً أن يشعر المصري أنه إما مواطن مضحوك عليه، أو مواطن منهوب، أو مواطن مستباح، ويعيش أيامه لا يملك أن يغير من الوضع شيئاً، إما لأنه خائف من الدولة البوليسية القادرة علي إلصاق أي تهمة بأي أحد لتقفيل أبواب السياسة أو قفل المحاضر بتلبيس الناس قضايا، أو علي أقل تقدير تسريح جيش من العاطلين الذين قرروا أن العمل في الماكينة الأمنية فكرة لا بأس بها، واستغلوها لممارسة بلطجة مقننة علي خلق الله في الشارع، وهذا موضوع سأكتب عنه قريباً شجوني.
لم يعد معقولاً هذا الاستقطاب بين الحكومة والإخوان في حين يقف الشعب مسلوب الإرادة، وتدور الأحزاب المحدودة الموجودة فعلياً علي الساحة في دائرة مصالحها دون وجود حقيقي في الشارع.
حرام أن يكون هذا هو حال مصر، وأن يكون أقصي المراد أن يطيل الله عمر السيد الرئيس خشية مصير مجهول لا نعرف عنه شيئاً، وأن يتم قطع لسان أي أحد يتحدث في الموضوع، من منع هيكل من الظهور في الإعلام المصري بما فيه الفضائيات بعد محاضرته الشهيرة التي قال فيها ما أقوله هنا في الجامعة الأمريكية والتي نقلتها «قناة دريم» فحدث لأحمد بهجت ما حدث، إلي محاكمة «إبراهيم عيسي» لأنه تجرأ وسأل عن أحوال صحة الرئيس فأصبح بهذا هو الذي يهدد الاستقرار ويدمر الاستثمار.
جربنا بناء لجان شعبية لم تحقق النجاح، وبرزت حركة كفاية وهي بين مد وجزر، وحاولت من قبل أحزاب تحت التأسيس أن تحرك الماء الآسن كحزب الكرامة وحزب الوسط فأغلقت لجنة الأحزاب الباب علي أصابعها، وسعي شباب زي الورد لحشد الشارع فتم إرهابه وترويعه وتم إطلاق رصاص حي ليسقط القتلي في المحلة.
طيب نناشد الحكومة والنظام، لا فائدة، ومقال عبد المنعم سعيد في الأهرام الأسبوع الماضي عن قانون الطواريء يقول بالفم المليان للحزب الوطني:«أليس منكم رجل رشيد؟».والواضح أن.. لا.
وعندي باختصار سيناريو لكسر تلك الحلقة المفرغة لا يراهن على الناس ولا على الحكومة ولا على النخبة المثقفة التي انفصلت عن الجماهير إلا من رحم ربك، وهو سيناريو يراهن ـ متفائلاً ـ علي الإخوان.
السيناريو كالآتي:
1 ـ أن ينسحب الـ 88 عضواً من المجلس ويخلوا الدوائر التي يمثلونها لأنهم غير قادرين علي تمثيل مصالح الناس، ولا معارضة القوانين، ولا ترويض الحزب الحاكم القابض بأسنانه علي كرسي السلطة، والحكومة تستفيد من وجودهم بأكثر مما يستفيد الناس ويستفيد الوطن.
2 ـ أن يتنحي المرشد العام للإخوان المسلمين وهو رجل له تاريخه ولطيف علي المستوي الإنساني وأن يختار الإخوان مرشداً عاماً ويغيروا اللائحة الداخلية لكي لا يتجاوز سن المرشد 50 سنة ويكون مرشداً مرة واحدة لفترة لا تزيد علي ثلاث سنوات، ويكون أمامهم ثلاث سنوات ليطوروا برنامجهم ديمقراطياً داخل الجماعة.. ومع شركاء الوطن من تيارات وطوائف، وبعدها ينطلقوا ـ هداهم الله ـ للمشاركة «بتواضع» في بناء تحالف ديمقراطي يخوض الانتخابات القادمة.
3 ـ أن يتم تعيين متحدثين رسميين للإخوان، الأول متحدث سياسي يتم اختياره من الأخوات وفيهن أستاذات ومحاميات وطبيبات ومهندسات ولا ينقصهن عقل ولا لسان، والثاني متحدث إعلامي من شباب المدونين لا يزيد سنه علي ثلاثين سنة.
4 ـ أن يشكل الإخوان حكومة ظل ديمقراطية تبدأ في تطوير سياسات واقعية لمصر اليوم وهنا من أجل تجنب فراغ سياسي في المستقبل القريب حين يأتي أمر الله.
بس خلاص.
إنني فقط أحلم من أجل مصر، وليس لي في هذا الحلم ناقة ولا جمل، وأعلم أنها أحلام العصافير، لكن من حق العصافير.. أن تحلم.

نقلا عن جريدة الدستور