Monday, June 4, 2012

الفرصة الأخيرة




منذ اعلان نتائج المرحلة الأولي من الانتخابات الرئاسية ونحن نعيش حالة جدل صاخب ، لعدم رضاؤنا عن النتيجة التي أفرذت لنا من جديد طرفي الصراع السياسي طوال السنين الماضية ، منظومة الفساد والقتل والسرقة وتخريب الوطن المتمثلة في بقايا النظام السابق وأعوان العسكر متمثلة في الفريق أحمد شفيق ، و منظومة جماعة الإخوان المسلمين التي عاشت اضهادا سياسيا طوال حكم هذه المنظومة فاختار العمل السري وان اتسم بالسلمية واختارت النهج والبرامج الإصلاحية وان كان أكثر ميوعة في مواجهة هذا الاستبداد وتمثل عن هذه المنظومة شخص تنظيمي ليس بالقوة الكافية للمواجهة وهو الدكتور محمد مرسي 
فباتت ردود الأفعال بين رفض تام للمنظومتين نتج عنها دعوات لمقاطعة جولة الإعادة أو ابطال الأصوات في أحسن تقدير ، ودعوات أخري بالإصطفاف مع الإخوان شريطة اعطاء المجتمع والقوي السياسية ضمانات واشتراطات تضمن عدم استفرادهم بالسلطة حيال وصلوهم إليها .
وتطورت الأحداث سريعا مع الحكم الهزلي في قضية قتل الثوار وتبرئة نجلي المخلوع ومساعدين وزير الداخلية والبراءة المتوقعة لمبارك وعونه العادلي حيال النقض واعادة المحاكمة 
فاستعاد الشارع من جديد زخم الثورة ونزل الجميع الي الميادين وهنا عاد الحديث القديم  إلي تشكيل مجلس رئاسي مدني يتسلم السلطة من العسكر المؤيدون لشفيق وان تستروا وراء البيانات الإعلامية بأنهم علي مسافة واحدة من كل المرشحين ، 
وفي تقديري أن كثيرا من النخبة السياسية والحزبية يتسترون وراء هذا الطرح بسبب عدم قبولهم بمرشح الإخوان ، ويضاف الي ذلك تعنت الجماعة الواضح في اعطاء ضمانات حقيقية مما يعوق حالة الإصطفاف حول مرشحها 
إلا أن تاريخ الدعوة لتشكيل هذا المجلس الرئاسي آبدا ما وحدت القوي السياسية بل كانت مسار رفض من بعض هذه القوي ومسار اختلاف حول التمثيل فيه والشخصيات التي تديره ، 
ولعل هذه الحالة يعبر عنها بوضوح نتاج الاجتماعي الثلاثي الذي ضم أبوالفتوح وحمدين ومرسي واتفقوا فيه علي وجوب اجراء محاكمات عادلة لقتلة الثوار والمفسدين من النظام السابق ، و استمرار الضغط الشعبي لحين تطبيق قانون العزل السياسي  بشكل ناجز قبل انتخابات الإعادة ، رغم إن الانتخابات بدأت بالفعل بتصويت المصريين في الخارج 
 وفي تفاصيل ما جري داخل الاجتماع تأجيل مناقشة تشكيل مجلس رئاسي وتأجيل رد فعل الإخوان في حال عدم تطبيق قانون العزل ، وهما في الأساس النقطتين الجوهريتين ، وبذلك النتيجة الحقيقية للاجتماع هي التقاء هذا الثلاثي الذي لو ادرك قيمة هذا اللقاء قبل فوات الآوان ما كنا وصلنا الي هذه الصورة .

 أنا من غير المقتنعين بدعوات  تشكيل المجلس الرئاسي وخاصة دعوات المرشحين غير الموفقين في انتخابات الرئاسة، فهم والقوي الداعية الي هذا المجلس قبلوا اللعبة الانتخابية ، وقبلوا المنافسة رغم عوار تشكيل اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة ، وعوار آدائها الذي تمثل في خرق القانون وقبول طعن أحمد شفيق واعادته للسباق الرئاسي رغم قانون العزل ، وإحالتها للقانون للمحكمة الدستورية العليا علي غير صلاحية منها بهذا العمل 
رضي الجميع بهذا الآداء ، بل وقفنا بكل حسم أمام انفعال المرشح المستبعد حازم أبو اسماعيل الذي أراد مواجهة هذه اللجنة بسبب الخروقات ، مع التحفظ غلي عدم صدقيته في دعوي جنسية والدته ، فبأي وجه بعد كل  هذه الممهاة نعود ونقول أننا غير راضين ، بل ازعم أنه لو أحدا من المرشحين عبدالمنعم أبوالفتوح الذي أيدته في سباق الرئاسة أو حمدين صباحي في محل الإعادة ما قبل أيا منهم الانسحاب .
لهذا أري أنه الأنسب ممارسة الضغط علي جماعة الإخوان المسلمين ومرشحها للرئاسة لاعلان مبادرة حقيقية تضمن التطمنيات الأساسية المطلوبة التي ابرزتها وثيقة الاتفاق الوطني التي صدرت عن صفحة " كلنا خالد سعيد " علي موقع الفيس بوك وادي أكثر من ١٠٠ ألف من المتابعين تقديرهم لها والتي عددا من النقاط التي أوردها أبو الفتوح وكذلك وثيقة العهد التي سعي وراءها ععدد من الأحزاب السياسية والتي يأتي علي رأسها وفق تقديري 
١- تشكيل اللجنة التأسيسية لتكون معبرة عن كل تيارات وطوائف واشكال المجتمع المصري لضمان كتابة دستور يمثل وثيقة اجتماعية معبرة عن كل مصري يعيش علي ارض هذه البلاد 
٢- تضم هذه المبادرة مجموعة من التشريعات القانونية التي تضمن حريات التعبير والعقيدة والتظاهر السلمي وحرية تشكيل التنظيمات والأحزاب بالإشهار شريطة متابعة أجهزة الرقابة المالية وكذلك قوانين تضمن حرية واستقلال القضاء والغاء المحاكم الاستثنائية ومحاكمة المدنين أمام المحاكم العسكرية 
٣- تشكيل حكومة ائتلافية موسعة يقودها ويرأسها شخصية وطنية من غير المنتمين الي جماة الأخوان المسلمين وتضم كافة الفصائل والتيارات السياسية والفئوية مع الوضع في الاعتبار المحاصة العددية التي حصلت عليها هذه القوي في الانتخابات البرلمانية وما ترتب عليه من تعديل في انتخابات الرئاسة   
٤- اعلان الدكتور محمد مرسي استقلاله واستقالته من تنظيم الاخوان  وعضوية مجلس شوراه ورئاسة حزب الحرية والعدالة ليكون حقا رئيسا لكل المصريين
٥- تضمين طرح المجلس الرئاسي ليتحول الي مؤسسة الرئاسة والتي يتم تشكيلها من نواب و مستشارين لدي الرئيس من القوي الوطنية بصلاحيات قانونية وتنفيذية حقيقية وفقا أيضا لمعيار المحاصة العددية التي حصلت عليها هذه القوي في الانتخابات البرلمانية والرئاسية 
٦- دمج العدد الأكبر من الشباب في القيادات المفصلية للدولة محلا للقيادات التي استخدمها النظام السابق في افساد الدولة ولازال يستعين بها المجلس العسكري لتمكين  سيطرته علي أمور البلاد 
هذه البنود الستة تحتاج أن تعلنها جماعة الإخوان المسلمين في مبادرة ووثيقة وطنية تصدر عنها ،  كما سبق وان اصدرت الجماعة وثيقتها ومبادراتها الشهيرة " مبادرة الإصلاح السياسي " التي أطلقها محمد مهدي عاكف مرشد الجماعة السابق في ٢٠٠٥  والتي ضمت عددا من البنود التي أٌريد بها أن تزيل الشكوك المطروحة حول الجماعة وتنشأ وتشترك في جبهة وطنية في هذا الوقت لمواجهة نظام الرئيس المخلوع ، واليوم نحن في انتظار هذه الوثيقة لتعيد حالة الاصطفاف السياسي لمواجهة بقايا النظام وتهدم كليا فكرة الدولة العميقة التي يديرها العسكر من أكثر من ستين عاما مضت .
وفي المجال يجب ان يدرك الإخوان انهم ليس لديهم الوقت ليتباطئوا في اصدار هذه التعهدات الوطنية ، قبل أن يفوت وقت الاصطفاف وتطحنا جمعيا عجلة ادارة الدولة العميقة ووقتها سيكون تنظيم الٌخوان أكثر الخاسرين بعد الخسارة التي ستعود علي البلد باعتلاء رموز القتل والفساد سدة الحكم بعد هذه الثورة 
واذا ما قدمت جماعة الإخوان هذه التعهدات بشكل جدي ، فعلي القوي السياسية ان تعلن دعمها لمرشح الإخوان لمواجهة هذه الدولة العميقة واعتبار فترة رئاسة مرسي فترة انتقالية لإعادة مصر وشعبها علي مسار الحضارة ولتجربة مدي صدقية كل هذه القوي من اسلامية ومن تسمي نفسها مدنية 
وحري بالذكر أن هذه الوثيقة يجب أن توقع عليها كل القوي والأحزاب السياسية التي تطلق علي نفسها " القوي المدنية " لأننا كمجتمع نحتاج أن نطمئن أيضا الي هذه القوي التي كثيرا ما اثارت عمليات استقطاب سياسي أضرت بهذا المجتمع .