Thursday, September 20, 2007

الدولة شكلها وإشكالها 1

كي يصح العمل لابد أن تصح الفكرة بهذه القاعدة أراد المفكر الإسلامي عبدالمجيد صبح أن يفض إشكالية فكرة الدولة في الإسلام والتي يراها علما منهجيا لابد أن يعيه ويفهمه ويدرسه المطالبين بوجود هذه الدولة

هذا الحوار تم منذ ما يقرب من ثمانية أشهر بطلب من الإخوان للحصول علي رؤية الاستاذ صبح لإدراجها في برنامج الحزب وقد زرته أنا واسلام لطفي وحصلنا علي هذا الحوار القيم والذي أري عرضه مناسبا للفترة التي تعلن فيها الجماعة عن برنامج الحزب وايضا بعد الحوار الذي أجرته جريدة المصري اليوم معي واخرين من شباب الاخوان ووضعت له عنواين غير موضوعية خاصة مع مراجعة متن الحوار
عبدالمجيد صبح مفكر إسلامي بلغ من العمر تسعين عاما ذهبنا لنسأله ونتفهم منه , أردنا أن نتعرف علي رؤيته في فكرة الدولة الإسلامية وما هو شكلها وما هي طبيعتها ؟ وما هي الإشكاليات التي تواجه إقامة هذه الدولة , وهل هي دولة دينية أم مدنية ؟ فوجدناه يبدأ معنا من أول السطر وبدأ هو يطرح أسئلة هذا النقاش و أيضا أجاب عنها !!!
هل كل أقوال وأفعال وأعمال الرسول صلي الله عليه وسلم هو وحيا من السماء ؟
فقال أن كلام النبي صلي الله عليه وسلم في غير موضع النبوة لابد وأن يُرجع فيه للظرف التاريخي والزمني له
فكان النبي صلي الله عليه وسلم إذا عاد لبيته سأل أهله هل عندكم شئ إن قالوا له لا نوى الصيام
فهل سؤاله صلي الله عليه وسلم عن الطعام وحيا من السماء
وكذلك عندما أذن صلي الله عليه وسلم لمن جاءوا يستأذنوه في التخلف عن الخروج معه للجهاد وينزل القرآن ليقول له " عفي الله عنك لما أذنت لهم " فهل معني ذلك أن إعطاءهم الإذن كان بوحي من السماء ثم يأتيه ثم نزل عليه الوحي مرة أخري ليلومه علي إعطاء هذا الأذن
النبي صلي الله عليه وسلم عندما كانت تقول له عائشة عند مرضها " ورأساه " فيقول لها " ورأسها أنا يا عائشة " هل هذا وحي أتاه وقال له عندما يمرض يقول ورأسها
هل كل ما فعله الرسول مصدر للتشريع ؟
الجواب : لا
ففعل الرسول صلي الله عليه وسلم لمجرده ليس مصدرا للتشريع حتى يقوم دليل أخر علي منزلة هذا الفعل
ويدخل في هذا الموضوع بعض أقواله صلي الله عليه وسلم لأن النبي كان له عدة مناصب في الدولة وهي منصب النبوة والرسالة ومنصب رئس الدولة ومنصب القائد العام ومنصب المفتي
وكان يتكلم بكل هذه المناصب والواجب الإتباع هو ما قاله في موضع النبوة والرسالة , وكلام النبي صلي الله عليه وسلم في غير موضع النبوة لابد وأن يُأخذ بظروفه وبالأحوال الواقعة فيه
مثال : الرسول صلي الله عليه وسلم عندما قسم الجيش لخمسة أقسام , وكان هذا تقسيم العرب للجيوش وكانت الحروب تسمي الخميس نسبة لهذا التقسيم ,فهل القائد المسلم الآن لابد أن يقسم الجيش كما كان يقسمه الرسول أم أن هذا علم يتغير بتغير الظروف والموقع .
هل لا اجتهاد مع النص ؟
لا اجتهاد مع النص هي قاعدة تجدها في كتب أصول الفقه , وتجد أناس يأتون بنص يستخدمونه بنصه اللفظي دون أي إعمال للتفكير فيه وهذا نفسه مخالف للسنة
ففي فتح مكة عندما اشتكت هند زوجة أبو سفيان بخل زوجها للنبي وقالت له " إن أبا سفيان رجل مسيك ( بخيل ) "فقال لها : " خذ ما يكفيكي وولدك بالمعروف " هذا إرشاد وليس حكم لا،ه لو كان حكم لأتي أبو سفيان وسمع معه وأصدر حكمه لكن نصه هنا صلي الله عليه وسلم كان إرشاد لزوجة تسأل عن تسيير أمور بيتها
بل هناك أقوال اختلفت المذاهب والأئمة في اعتبرها قول من منصب النبوة أو من منصب القائد العام للدولة
فيقول صلي الله عليه وسلم " من أحيا أرضا ميتة فهي له "
هنا الشافعي قال هذا قول من منصب النبوة وقال أنه من قام بهذا الأمر فعلي الدولة المسلمة أن تمكنه من تملك هذه الأرض
أبو حنيفة قرأه قول من منصب القائد العام للدولة وهنا قال أبو حنيفة من أحي أرض ميتة لا تكون له إلا إذا وافقت الدولة
الأستاذ عبدالمجيد صبح قال يوجد منهج اسمه ماذا قال ويقصد به المدلول اللفظي للنص ولكنه طرح منهجا مضافا له هو ماذا أراد وخرج بقاعدة هامة مفاده " وجوب إعمال العقل لفهم مقصود النص "
وقال إذا كانت القاعدة الفقهية تقول لا اجتهاد مع النص إلا أن الواقع الفقهي يقول يوجد اجتهاد في النص ومن هنا قامت الاختلافات في فهم القرآن والسنة وتعددت المذاهب
وقال إن التوقف عند ماذا قال يصيب الأمة بالجمود أما توضيح ماذا أراد يفتح باب الفكر والعمل
إذن لابد أن أقرا النص في الظروف والمناسبات الذي قيل فيه هذا النص وهل هو عام ومطلق في كل زمان ومكان أم له خصوصية من الخصوصيات

السياسة الشرعية في الإسلام
وهنا طرح سؤال مهما عن ماهية السياسة الشرعية في الإسلام وتسأل هل هي ما ورد في سيرة الرسول صلي الله عليه وسلم وما فعله والقيام بمحاكاته وأيضا ما ورد في آيات التشريع و الأحكام في القرآن الكريم وتطبيقها حرفيا , أم عمل أمر مفيد وخير للأمة لم يذكر في نص شرعي!!!
وأجاب نعم ما قاله القران والرسول صلي الله عليه وسلم سياسة شرعية ولكن في سياق ماذا قال وماذا أراد وصدر عن أي منصب مع الاحتفاظ بالاجتهاد في هذا النص
و أيضا كل ما يحقق المصلحة العامة للإسلام والمسلمين ومصلحة لمجتمع المسلمين وبلاد المسلمين يكون سياسة إسلامية شرعية ولو لم ينطق بها الشرع هو سياسة شرعية , فهي ما يحقق مصلحة الأمة في الدين والدنيا
فأبو بكر فعل ما لم يفعله الرسول صلي الله عليه وسلم وعمر فعل ما لا لم يفعله الرسول وأبو بكر وعلي بن أبي طالب غير مكان الخلافة وهو أمر خطير لكنه اقتضه المصلحة العامة
شكل دولة
صبح يري أن حقيقة الحكم في الإسلام أهم من شكل إقامتها فمن الممكن أن يكون نظام جمهوري منتخب أو حتي ملكي , فحقيقة الحكم الرشيد هو المبني علي ( الحق والعدل ) وأي دولة أو نظام حقيقة حكمه الحق والعدل هي دولة إسلامية ولو لم تدين بالإسلام .
لذلك مسألة الخلافة الإسلامية ليست مسألة عقيدة وعندما ذُكرت في كتب العقائد الإسلامية القديمة وردت في المباحث الأخيرة من هذه الكتب علي أنه خلاف سياسي دار بين علي بن أبي طالب ومعاوية ابن أبي سفيان
كما أنه يري صعوبة المطالبة بتحقيق هذا الشكل في العصر الحديث وإنما يمكن طرحها كما أوردها عبدالرازق السنهوري في الرسالة التي اجتاز بها الدكتوراه عقب سقوط الخلافة في عام 1924بفكرة إنشاء كومنولث ( اتحاد ) للدولة الإسلامية كبديل عن هذه الخلافة, وذلك مثل الاتحاد الأوربي الذي يزيد عدد أعضاءه كل عام من الدول الأوربية وهذا طلب مقبول ومشروع في المواثيق الدولية وممكن في التطبيق
الدولة الإسلامية دولة مدنية
الأستاذ عبدالمجيد صبح لا يري تعارض بين معني الدولة في النظم الحديثة – ( وهي أرض وشعب وقانون يحكم ) – والإسلام , فمعني أي دولة هي بشر يعيشون علي أرض ينظم حياتهم قوانين ولوائح يرتضونها
كما يري أن الإسلام لا يعترف بفكرة الدولة الدينية بالمعني الثيوقراطي والذي عرفته البشرية إبان عصور الظلام في أوربا والتي كان الحاكم فيها يحكم باسم الإله الذي لا يخطئ ولا يٌراجع
فأبو بكر صديق عندما نشأ خلاف مدني علي ميراث بينه وبين فاطمة بنت النبي صلي الله عليه وسلم قال للناس" أقيلوني " لأنه جاء بناء علي اختيارهم له فقالوا له " لا نقيلك ولا نستقيلك " أي لن نعزلك ولن نقبل منك استقالة وذلك تأكيدا علي مدنية الدولة وأن شعب الدولة هو مصدر السلطة التي كان يحكم بها أبو بكر .
وأكد الأستاذ صبح أننا بالفعل نعيش في دول إسلامية ولكن هي ينقصها الحقوق السياسية للمواطنين من خلال استبداد الحاكم بفرض ولايته علينا بشكل أبدي وسؤ العلاقة بين الحاكم والمحكوم
وعن علاقات أفراد الدولة بالأخر سواء كانوا غير مسلمين يعيشون في الدولة أو خارجها أو مسلمين في دول أخري أوضح القرآن الكريم مبدأ العلاقات الدولية بين المسلمين وغيرهم في سورة الحجرات أية 13 : " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ..." لتعارفوا هنا معناها لتتعاونوا
و سورة الممتحنة أية 9 : " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تولوهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين "
لذلك يري أن الإسلام به ثلاثة أنواع من الإخاء
إخاء في العقيدة : يضم المسلمين في جميع الدول
إخاء في المواطنة : يجمع بين المسلمين وغير المسلمين في نفس الدولة ( لهم حقوق وواجبات واحدة

إخاء في الإنسانية : يجمع البشر جميعهم باختلاف أديناهم وأجناسهم وألوانهم

في المرة القادمة سأعرض رأي الاستاذ عبدالمجيد صبح في تولي المرأة والأقباط للحكم وسأجتهد أن أضع الحوار الذي تم بيننا وبين الاستاذ بالصوت كاملا

8 comments:

  1. ايه الروعة دي

    بجد حوار رائع رائع رائع

    ربنا يبارك فيك ويحفظ الدكتور عبدالمجيد لنا يارب

    ويجعله في ميزان حسناتكم إن شاء الله

    فعلا اللي يقرأ الحوار يغير عنده مفاهيم كثيرة جدا

    وياريت لو تحط الحوار الصوتي

    وجزاكم الله خيرا

    ReplyDelete
  2. وماذا عن حرية العقيدة في الدولة الإسلامية؟
    وهل ستكون مطلقة مثل أمريكا مثلا؟
    أم ان الخارج من الإسلام يطبق عليه حد الردة؟

    ReplyDelete
  3. لا حول ولا قوة إلا بالله
    ثقباوي

    ReplyDelete
  4. الحقيقة في الموضوع دا
    ان مفيش مشكلة في شكل الدولة التي
    تتوافق مع مرجعية الاسلام
    وكلنا عارفين ازاي تكون مدنية
    المشكلة اننا ما زلنا مصممين علي
    عدم التعاطي مع الواقع والمتغيرات
    التي توجب الاجتهاد وتغيير بعض النظرات والرؤي القديمة التراثية
    نعم نحن جماعة تمثل رأس الحركات الاسلامية
    في العالم بس فعلا مسودة البرنامج
    محبطة وتدل أننا مازال أمامنا الكثير
    لكي نفهم

    ReplyDelete
  5. لأول مرة أجد لديك ما أندم على تفويتى قرائته ، بصراحة يعنى علشان المدونة كلها أخبار


    لكن أحب أبدى نوعاً من الإعتراض على الأمثلة اللى ذكرها أستاذنا فى النصوص ، مثل من أحيا أرضاً فهى له .

    ففى علم أصول الفقه ما ينقل هذا النص إلى التطبيق بشكله الصحيح

    نعم من السنة تشريعية وغير تشريعية

    أنا حاسس إن إختلافى ده واهى وكأنه مش إختلاف أصلاً ، لربما أنا مش فاهم المقصود صح ...


    ولكن منتظر وبشدة الجزء الثانى وأى أجزاء تانية كمان :-)

    ويا ريت تنوع من المواضيع زى كده

    ReplyDelete
  6. للقرطبي عبارة جميلة أذكرها دائما لما اسمع عن أحد من أصحاب لقب مفكرإسلامي .. هذا اللقب الذي اظنه يعني التميز عن لقب عالم إسلامي أو فقيه إسلامي بكونه يختلف عنهم في مصادر تلقيه لأحكام الشريعة وطريقة قبوله لهذه الأحكام ..

    يقول القرطبي : وإني لو التمست لتلك المحدثات مخرجاً لوجدت، غير أن ضيق العطن، والبعد عن أهل الفطن، رقى بي مرتقى صعباً وضيق علي مجالاً رحباً ..

    أذكر هذه الكلمات كلما وجدت من لا يتطيع كبح جماح نفسه عن البحث للمحدثات عن مخرج يخالط به المحدثات

    ReplyDelete
  7. الرجل يتحدث ببساطة عن فكر حزب الوسط
    ولو أنه ينتمي للأخوان بشكل أو بآخر لقال غير ما قال
    تحياتي

    ReplyDelete
  8. مش كل حاجه عملها النبى تبقى دين وتشريع

    هو اغلراجل معندوش غير دى كل مرة لازم يقولها انا ذهبت لراجل ده فى بيته وقعد ياصل هذا التاصيلات الفاسدة مش كل حاجه عملها النبى احنا نعملها ومفيش حاجه اسمها بدع والسخرية من المتسنين والاستهزاء بهم حتى حدثنى احد الاخوة سمع له شريط يقول فية على اللحية والتقصير انها تفاهات ولا حول ولا قوة الا بالله

    الرد متاخر بس دى اول مرة اقرا الموضوع واظن اول مرة اززور المدونة بتاعت حضرتك

    ReplyDelete

abdoumonem@gmail.com