Friday, March 2, 2012

شرف الست فايزة

لم استطع أن اتمالك نفسي من الضحك والسخرية عندما قرأت العاجل علي شاشة الجزيرة بأن النائب العام قرر رفع حظر السفر عن المتهمين الأجانب في قضية تمويل المنظمات , بينما أخذ الشرف النائب العام ليصرح مصدر قريب منه أنه ليس من حقه اصدار هذا القرار ومن ثم تنحي رئيس المحكمة التي تناقش القضية , ليتضح أن رئيس محكمة الاستئناف قد شكل هيئة محكمة جديدة  في نفس اليوم وفي نفس ذات اليوم قضت برفع حظر  السفر عن المتهمين
حالة الضحك التي اصابتني اني تذكرت واعلم انكم جميعا تذكرتم هذه الكلمة الشامخة التي قالها رئيس الوزراء كمال الجنزوري وهو يقول "مصر لن تركع" وأيضا تذكرت قيادات المجلس العسكري وخاصة اللواء عادل عمارة الذي حضرت له مؤتمرا صحفيا عقب احداث مجلس الوزراء وهو يصرخ فينا كصحفيين للسكوت لتخرج كلماته قوية ورنانة : " نحن لا نقبل بأي ضغوط "
السخرية الأشد عندما تذكرت النائب مصطفي بكري وهو يدافع عن الوزيرة فايزة أبو النجا ويصفها بالوزيرة الوطنية لموقفها من قضية المنظمات والمؤامرة التي تحيكها هذه المنظمات لتقسيم مصر
والمشهد لم يشأ أن يتوقف عند كل هذه السخرية ليفاجأ الجميع بأصدقائهم الأمريكان يفضحوهم , حيث اصدر السيناتور الأمريكي جون ماكين بيانا أمس يشكر فيه الأطراف والقوي التي ساعدت علي انهاء هذه الأزمة – ولا تغضب عزيزي القارئ وانا أقول انها مفتعلة –
ماكين بعدما شكر القضاء المصري – المستقل – عن رفع الحظر عن سفر الأمريكان قال أنه عقد في الاسبوع الماضي اثناء زيارته للقاهرة لقاءات مختلفة مع رئيس البرلمان وعدد من أعضاء المجلس من التيارات المختلفة ولقاءات اخري مع قيادات جماعة الاخوان المسلمين والمشير حسين طنطاوي وغيره من أعضاء المجلس العسكري الذين طمأنوه – قبل انعقاد جلسة المحكمة – انهم سيصلون لحل ايجابي لهذه الأزمة ومن ثم شكر سفيرتهم في القاهرة آن باترسون علي جهدها أيضا
ثم كرر في بيانه في فقرة تالية أنه يشعر بالتقدير أو التشجيع -حسب ما المترجمين يحبوا – بالدور البناء الذي قامت به جماعة الإخوان المسلمين وحزبها السياسي الحرية والعدالة خلال الاسبوع الماض في المساعدة لحل هذه الأزمة ولم يوضح بيان ماكين هذا الدور ,  ربما يقول لنا المهندس خيرت الشاطر نائب مرشد الاخوان الذي استقبل ماكين في مكتبه الشخصي وليس في مكتب الارشاد عن هذا الدور ويفك لنا لغز  هذا التناقض بين التصريحات  التي صدعنا بها  المتحدثين باسم جماعته عن الطرف الثالث ووجوب تقديم المنظمات التي تمول من الخارج للمحاكمة لدورها في  تخريب مصر ومطالبتهم في بيانات رسمية باحالة هذه المنظمات للتحقيق  وبين الدور الذي لعبوه لحل الازمة وفقا لما قاله السيناتور الامريكي
ماكين قال في بيانه ايضا انه علم من اجتماعاته في القاهرة مع الاخوان وعدد من نواب البرلمان ومنهم محمد أنور السادات أن تشريع جديدا سيصدر لانشاء الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني يضمن حرية وحماية انشاء مثل هذه المؤسسات
نعود لشرف الست فايزة الوزيرة الوطنية المخلصة التي عملت في عهد المخلوع مبارك بكل تفاني والتي قالت لقضاة التحقيق – المستقلون – الذي مارسوا التحقيقات في القضية : "إن الهدف الأمريكي للتمويل المباشر للمنظمات خلال الفترة من عام 2005 وحتى 2010 كان يقتصر على مضايقة النظام الحاكم السابق في مصر والضغط عليه بدرجة محسوبة، لا تصل إلى حد إسقاطه "
طبعا الوزيرة  الوطنية والمخلصة للنظام التي عملت معه كانت تستقي معلوماتها من الجهاز الحقيقي الذي كان يعمل في مصر وكان يجهز لهذه القضية وهو جهاز أمن الدولة الذي أعد كل المعلومات التي قدمتها السيدة أبو النجا الي جهات التحقيق – المستقلة –
وبمناسبة استقلال قضاة التحقيق في هذه القضية وهما المستشارين أشرف العشماوي وسامح أبو زيد اللذان كانا رئيسا نيابة أمن الدولة العليا التي كانت تنظر معظم القضايا السياسية في عهد مبارك وتستخدم الحبس الاحتياطي كعقوبة في مواجهة خصوم نظام الرئيس المخلوع , وكم أصدرا العشماوي وأبو زيد قرارات بحبسي خمسة عشر يوما علي ذمم قضايا مفبركة من جهاز أمن الدولة , ولكن للامانة كانا الرجلين بعد اصدار قرار الحبس يبتسمان لي في ود بالغ وبعد أن يخرج كاتب التحقيقات يعتذران لي ولكثير غير بالطبع بقول ثابتا : " معلش انت عارف دي اوامر وربنا يتقبل منك ان شاء الله "
ولو عدنا للقضية والتي بالفعل تنطوي علي مخالفات قانونية حقيقية وهي العمل في مصر بدون تصريح من السلطات
فنسأل كيف دخلوا مصر وأجروا مكاتب ووظفوا ناس وتعاملوات مع وزارات دولة واستقبلهم مسئوليين حكوميين وراقبوا الانتخابات الأخيرة وايضا في عهد المخلوع , تعرف هنا ان السلطات الحقيقية منحتهم الترخيص الشفوي بالعمل
حيث سمح جهاز أمن الدولة لهذه المؤسسات بالعمل في مصر شريطة أن يحصلوا علي تصريح وترخيص قانوني ليظل وضعهم مهدد طوال الوقت , وفي اللحظة التي يريد النظام أن يرتدي فيها  ثوب الوطنية والشرف , تخرج السيدة فايزة لتغني لنا -طبعا مش المطربة ولكن الوزيرة – أنشودة الوطنية  ويشاركها الآداء الدرامي رئيس الوزراء في البرلمان وهو يبدو يتذكر فيلم للفنان العريق يوسف بك وهبي وهو يقول " مصر لن تركع "  ويكتمل الدور بتصفيق الجمهور ولكن في البرلمان وليس المسرح .
العجيب ان هذا السيناريو كان قابلا للتفيذ في عهد المخلوع ولكن الذي قام بأداؤه حسب الظرف السياسي في هذه اللحظة المجلس العسكري
لكن بالعودة لعمق القضية لماذا قبل حنفي أن كلمتة تنزل هذه المرة أمام أم حميدة , وسجدت مصر وركعت في هذه القضية ,علمت أن مصادر قضائية صرحت لصحفيين أن الغرض الاساسي من بدء تحقيقات هذه القضية هي محاولة الإيقاع بحركة 6 أبريل خاصة بعد تصريحات المجلس العسكري الذي وما ما حمل هذه الحركة البائسة جدا كل أحداث العنف والاشتباكات خلال العام الماضي . بينما لم يستطع المحققون أن يجدو شيئا ذي قيمة حول الحركة التي تتمتع بصدي اعلامي لا يعبر ابدا عن حجمها السياسي في الشارع ولكن حظها العثر أنه تم اقرار استخدامها كفزاعة في الخلاف الدائر بين القوي الثورية المدنية والمجلس العسكري الذي يدير شئون البلاد خلفا للمخلوع
ولما بدأت القضية أراد العسكري استخدامها لترقيع ثوبه المهلهل امام المصريين علي احداث سحل البنات وقتل المتظاهرين  بمواجهة منظمات المجتمع المدني التي فضحت ممارسته ووثقتها  ,ولكنها زادت منه حبتين فصدرت قرارات للقضاة المستقلين بألا يأمروا بحبس المتهمين ووعد الامريكان بحل الازمة حتي من قبل أن تعقد المحكمة جلستها الاولي ومن ثم يصدر القرار المسخرة برفع حظر السفر عن المتهمين
القضية رغم ما فيها من مخالفات قانونية الا أنه ومن اللحظة الاولي تم التعامل معها علي أنها مناورة سياسية والقضاء والقانون أبعد ما يكون عنها بداية عندما تحدث وزير العدل والوزيرة الوطنية عن سير التحقيقات وكأنهما هما من يقوما بهذه التحقيقات ومن اختيار المحققين ومن التناول الاعلامي والسياسي للقضية
لكن يبدو ان الست ام حميدة رغم التطمينات التي حصلت عليها أنه لن يدان موظفيها رفضت حتي المشاركة في هذه المسرحية العبثية واخرجت حنفي من المشهد وشكله مسخرة وبقي عرة الرجالة كمان 

No comments:

Post a Comment

abdoumonem@gmail.com