الحلم بدخول فلسطين يراوض كثير من المصريين فهي البلد الأقرب والتي يتعاطف معها كل مصري ضد الاحتلال الغاشم الذي بات مؤخرا أنه يريد تنظيم حملة إعدام جماعي علي قطاع غزة ورفح بقطع إمدادات الوقود علي القطاع , وفور كسر الحدود بين رفح المصرية والفلسطينية قررنا أن نخوض المغامرة وتحقيق الحلم كمصريين قبل أن نكون صحفيين , وفي المرج الجديد في شرق محافظة القاهرة حيث موقف الحافلات التي تسافر إلي رفح كانت البداية إذ امتلاء موقف السيارات بمئات من الفلسطينيين الذي يرغبون الوصول إلي القطاع لزيارة أهلهم وأسرهم التي مرت عليهم السنون ولم يستطيعوا رؤية بعضهم البعض ورغم إعلان السائقين لكل فلسطيني يركب الحافلة بأنه معرض لعدم الوصول وإجباره علي العودة في منتصف الطريق لأن الداخلية ترفض دخولهم من بوابة العريش ولكن الأمل داعب مشاعرهم بإمكانية الوصول , وعلي مدار أكثر من ساعتين نبح عن سيارة تقلنا إلي مدينة رفح المصرية , كان هناك مئات الوجوه تكسوها فرحة مكتومة علي غير العادة فالجميع يهرع وراء السائق هل تؤمن لنا أن نصل لمعبر رفح دون أن تردنا قوات الأمن المصرية , فيكون الرد المباشر أنتم فلسطينيين !!! لا مليش دعوة مش عايز فلسطينيين وبين آخر يقول لهم اركبوا علي ضمانتكم أنتم بس أدفعوا الأجرة الأولي والتي وصلت ال 60 جنيه للفرد بزيادة عن الأجرة المعروفة لهناك ب 40 جنيها فقط ومع ذلك الأمل ظل يعبث بمشاعرهم وظلت عيونهم شاردة علي السيارات حتي استطعنا أن نستقل سيارة معهم ,
فهذه السيدة منذ أن صعدت إلي السيارة هي زوجها ،وهي تحكي عن اشتياقها لإخوانها الثلاثة بغزة ..وقالت جهاد التي صرحت باسمها بعد حديث طويل شد انتباه جميع ركاب الحافلة البالغة عددهم 18 علي الرغم من أن السيارة حمولتها 12 فقط
" لم أري إخواني منذ 13 عام تزوجت من مصري وأنجبت ثلاثة أبناء لم يعرفوا اخاولهم إلا عبر الاتصالات الهاتفية ،وعندما سمعت بالصباح عن نبأ فتح المعبر قررت النزول فورا
وهنا يتدخل زوجها "تركتنا وقالت أنا رايحة لأخواتي وقررت أن اذهب معها ولا اتركه تخوض تلك التجربة بمفردها ".
ويقاطع السائق حديث جهاد وزجها ليتساءل هل معنا فلسطين بالسيارة فهمت جهاد لتنطق الا ان جميع ركاب السيارة نهروها عن ذلك
وانطلقت السيارة محاولة تفاضي نقاط التفتيش والأكمنة التي نظمتها قوات الأمن لمنع الفلسطينيين المقيمون بالقاهرة من الدخول إلي قطاع غزة ،مضت السيارة في طريقها علي خطوات هادئة نظرا لحالة الزحام المروري التي تعاني منها شوارع القاهرة
وجهاد تروي " ماتت أمي علي بوابة المعبر قبل ثلاثة أشهر فكانت ضمن العالقين الذين منعوا من العبور الي غزة ،ماتت وهي تردد أريد أن أري أولادي ،واخشي ان أعود إلي القاهرة وانا اردد ما قالته أمي ".
ودخلت السيارة إلي أولي الأكمنة الأمنية وقدمنا بطاقات الهوية وارتعشت أيادي جهاد وهي
تمرر هوايتها الضابط الذي لمح الأمل بالعودة إلي غزة فأمر السائق بالانطلاق رفح.
ومر الكمين الأول والثاني والثالث علي نفس الشاكلة ،حتى وصلنا إلي الكمين الرابع وهنا وقفت السيارة وطالبنا أمين الشرطة بإظهار هوايتنا وأخرجت جهاد هوايتها فطلبها الشرطي بالنزول من السيارة ونزلت لتنهار أملها في الوصول إلي قطاع غزة لرؤية إخوانها.
ومرت فترة من الصمت قطاعها صوت رنين الموبيل "أيوة يا مني أيوة يا حبيبتي خلصي درسك الخصوصي وارجعي علي البيت وخالي بالك من أخوات أنا في الطريق لغزة أشوف جديتك يومين ورجعة ".
بتلك الكلمات التي رددتها سيدة بالمقعد الأول من الحافلة التي تقلنا إلي العريش أدكنا جميعا أنها أيضا فلسطينية ونفس السيناريو يتكرر بدقائق فتتلقي من تجلس خلفها مكالمة كررت خلالها نفس النص ليتضح أن معنا 7 فلسطين غير جهاد .
الجميع بدء يسرد قصته فتلك السيدة الأولي تؤكد أنها بمجرد سمعها خبر فتح المعبر ارتدت ملابسها لتنزل إلي محطة الأتوبيس وتنتظر لأقرب من بكثر من خمس ساعات حتى تتمكن من رؤية أختها بغزة .
بينما كان عبد الله الجالس بجوار السائق في حالة من القلق الزائد لم يفسرها الا عندما قال انه فلسطيني ويخشى الرجوع إلي عهد البطالة بمصر خاصة وأنه لا يملك سوي بطاقة هوية من مصر .
ومن عبد الله إلي السيدة أم إبراهيم صاحبة البشرة السمراء والعيون الحزينة الجالسة بالمقعد الثاني من الطرف الأيمن والتي كانت تغلبها دمعها طيلة الطريق دون أن نجد مبرر لتلك الحالة أن تكلمت قائلة أمتي هنصل غزة لو سمحت فقال لها السائق أمامنا نصف ساعة للوصول إلي معبر رفح هنا بكت وبحرقة وقالت أنها من العالقين من 7 شهور ولم تري ابنها الوحيد الذي قتل بمجزرة حي الزيتون الأسبوع الماضي ..لذلك فما إن سمعت عن فتح المعبر حتى هرولت إليه .
وصلت السيارة بالقرب من بوابة صلاح الدين الحدودية ونزل الباقون في السيارة وقلوبهم متلهفة وعيونهم تنظر لهذا الطريق الصغير الذي اكتظ بالبشر وهنا اختلطت الدموع بالضحكات وتلاقي الأهل فهذه تحضن أمها وتقبل علي يدها .." يااااه يامه اشتقت لحضنك كتير " وأب لم يري أبنه منذ سنين ..." خفت أموت وعيوني ما تشوفك يا ضناي " كما كانت الأحضان حارة والدموع صادقة والبسمات صافية وبعد أن مشينا 200 متر في يقرب من الأربعين دقيقة وصلنا لمكان به أسلاك شائكة مقطعة أجزاء كثيرة منها بجوارها نقطة مراقبة مصرية خاوية من جنودها إلا جندي واحد فقط يحمل بنقدية آلية يرتدي ملابس القوات المسلحة كان هو الحائل الوحيد بين هؤلاء المتفرقين حتي وجدنا أنفسنا أمام فتحة في جدار أسمنتي قد نسفها الفلسطينيون ليتنسموا منها عبير الحياة ورغم أن الجدار قد هدم إلا أنه كان من الصعب تسلقه فوقف أطفال صغار معهم سلم خشبي يدوي ينادون يلا أدخل فلسطين ب " شيكل " وهو ما يوازي الجنيه المصري فقد فك الحصار عن طريق هذا العملة الإسرائيلية التي يكثر استعمالها الفلسطينيين أكثر من الدينار الفلسطيني نفسه وبعدما عبرنا الجدار الأسمنتي وجدنا جدار حديدي كبير قد تم تقطيعه بمنشار كهربائي ضخم رائحة شياطه لازلت كانت تزكم أنوف العابرين وما إن عبرنا حتي وجدنا بيوت لم تختلف عن التي سبقت الجدار ولكننا كنا وقتها دخلنا فلسطين .
مغامرة عبدالمنعم محمود - ايمان عبدالمنعم
أخى العزيز
ReplyDeleteمش عارف الواحد يقول ايه
هو الواحد قلبة بيوجعة وخلاص
وبندعى ربنا يزيح الغمة
وينصر اخواننا فى غزة
بجد تغطياتك فى منتهى الروعة
تسلم ايدك
تحياتى
أحمد الصباغ
المشكلة ليست مشكلة فلسطين يا أخي عبد المنعم
ReplyDelete...
فلسطين ما هي إلا عرض واحد مداء عضال أصاب جسد الأمة الاسلامية..واسمه البعد عن الله...
نصر الله المجاهدين في فلسطين والشيشان والعراق وافغانسستان والصومال ...
وكل بقاع العالم
ياااااااااااه و الله انى لاغبطكما على هذه المغامرة يا عبدالمنعم انتا و ايمان و عايز اقرا تفاصيل اكتر فى الحلقة المقبلة عن كل ما حدث بالتفصيل الممل داخل هذه الارض المباركة...
ReplyDeleteاكيد كانت مغامرة شيقة
ReplyDeleteوواضح انها كانت موفقة بلقائك مع اسماعيل هنية
بس بامانة الراجل ده يصلح لمنصب سياسى
إحنا أسرى لحاجات كتير يا عم منعم
ReplyDeleteالناس لازم تبص للحياه بمنظار منور عشان ربنا يسهل وينصلح حالنا
أملنافي الله كبييييييييييييييييير
أظن أن طريق العودة .. ينتهي بدموع هادرة وسخط على حكومات جبانة خائنة
ReplyDeleteحسبنا الله ونعم الوكيل
اخي العزيز
ReplyDeleteجزاكم الله خيرا علي الاهتمام بهذه القضية الجليلة
وفعلا كم كنت اتمني ان اكون معكم