سأروي قصة أكتبها لأول مرة وان كان يعرفها الأصدقاء القريبين مني ، القصة كلها تحكي كم كان شخص الأستاذ عاكف انسانا بكل ما تعنيه الكلمة وان كانت الرواية ستضايق نفرا من الاخوان
بدأت علاقتي التنظيمية تأخذ في التراجع داخل الإخوان برغبة مني بعد خروجي من السجن سنة ٢٠٠٧ ، وحاولت أكثر أني انشغل بعملي الصحفي والمهني ، وكمان لبداية توترات و خلافات سياسية أكثر من كونها فكرية ،
وانغمست في شغلي أكثر وأكثر وكنت وقتها سكرتير تحرير جريدة الدستور ، و في عام ٢٠٠٨ نشرت في الجريدة تفاصيل انتخاب خمس أعضاء في مكتب ارشاد الاخوان و نشرت معاه لأول مرة لائحة جماعة الاخوان المسلمين ، وكتبت تحليل مطول عن كيفية التصعيد للمناصب القيادية في داخل التنظيم
كان بالطبع سبقا وانفرادا لي وللجريدة في الوقت ده ، واشتغلت عليه جرايد وقنوات كتير من بعدي ، وقامت القيامة داخل الإخوان بسبب التقارير الصحفية دي ، وده طبيعي من تنظيم عاش في السر أكثر من العلن ، وتم الاتهامي بأشنع الاتهامات والخوض في عرضي بكذب وتضليل مينفعش يخرج من ناس متدينة مش بس أصحاب دعوة الي الله
وكان الإتهام الأفدح بالنسبة لي أني باشتغل مع الأمن وأني أخدت وأديت المعلومات دي في نفس الوقت للأمن
وتناول هذا الكلام أعضاء مكتب إرشاد وقيادات كبيرة في الاخوان تعرفني ومتعرفنيش ، منهم محمود عزت و هو حي يرزق ومنهم شخص ووهو أكثر من اساء بالكذب الذي ساختصمه به امام الله وهو ميت حالي ولن أذكر اسمه
غضبت غضب شديد لهذا الاتهام الذي بات تتداوله مكاتب ادارية للاخوان
- ويعلم الله رغم ما املكه الليوم من وثائق تنظيمية نظرا لكوني كنت أحد آعضاء القسم المركزي للطلاب الا اني وإلي اليوم لم استخدم ورقة واحدة حصلت عليه من أي اطار نشاطي التنظيمي داخل الجماعة ، و كل ما نشرته كان نتاج جهد صحفي واستقصائي شخصي -
سأحاول أن أكون مختصرا فأنا في الأساس عايز اتكلم عن الأستاذ مهدي عاكف لكن ما وراء القصة مهم
حاولت من خلال الأسرة الإخوانية التي كنت منتظم بها أن يصحح الأمر ، لكن بلا فائدة حتي وصل الطعن المعنوي الي أقذر وأدني مستوياته
حينها اتصلت بالأستاذ عاكف فك الله سجنه وطلبت أن أزوره فرحب ولكن طلبت أن تكون الزيارة في منزله فلم يمانع
وذهبت لبيته في الموعد المحدد واستقبلني بكل ود كعادته دائما ، ولما بدأت في الحديث معه وأن هذا الأمر يؤرقني بشدة ، فقال لي الرجل : " اسمع يا عبدالمنعم أنا لو مصدق عنك حرف واحد من اللي بيتقال عليك مكنتش دخلتك بيتي أبدا ، وحتي وأنا متضايق من اللي أنت بتعمله وبتكتبه "
فقلت يا أستاذ أنا اليوم ضعيف ولا أستطيع تحمل ما يتم تداوله عني ولذلك سأفعل شئ هو في عرف مهنتي جرم كبير وخيانة لهذه المهنة التي قررت فقط أن أنتمي اليها ، حيث سأكشف لك عن مصدري في المعلومات التي نشرتها في هذا الوقت
فأحمر وجه الرجل وقالي خلق الكبار : " أنا مش عايز أعرف متعملش كده لأني واثق فيك "
أصريت وقلت له في مقابل ما سأفعله سأطلب أمرا عظيم والرجل كان علي اصراره أني متكلمش ومكشفش له اسم مصدري احتراما لما ذكرته له
لكن وقتها كنت واقع تحت ضغط كبير من الاتهامات والاساءات والتخوين بالتعامل مع الأمن ده بيصل فهمه عند الجماعات الاسلامية لحد أشبه بالكفر ، خاصة الكلام بيطلع من أعضاء مكتب ارشاد لهم تاريخ طويل ثم يتداوله الصغار بحمق شديد
المهم كشفت له عن المصدر ، وطلبت منه في المقابل أن يعتذر عضو مكتب الارشاد الذي روج لهذه الأكاذيب لي في رسالة ترسل الي جميع الإخوان
فقال لي الأستاذ عاكف : " يا ابني مش حينفع لكن أوعدك محدش حيتكلم عنك تاني "
فأصريت علي هذا الطلب وأعتذر لي الأستاذ عاكف مرة أخرى وهو يؤكد أن كل الكلام ده سيقف بدون اعتذرات من حد
فقلت له اذن من النهارده ليس لي أي علاقة بالإخوان ، ومن اليوم أن حر من أي ارتباط بهذا التنظيم
انفعل الرجال ببساطته المعتادة : " بس يا واد بلاش هبل انت أسرتك فين بس قولي وأنا حتصرف "
فانفعلت أكثر وبكيت وقلت له الأمر انتهي يا أستاذ شكرا لاستيعابك لي
فانفعل أكثر انفعال الأب الحنون حتي لو اختلفت معه ووجدت في صوته وحسمه نبرة الأب الذي يريد الحفاظ على ابنه : " أنا قلت لك خلاص محدش حيجيب سترك وأي حد - وهنا استخدم جملة حادة جدا - حيتكلمعنك أنا حقطع له لسانه بإيدي "
وانتهي اللقاء ظنا منه أني سأهدأ فترة وأعود ولكن كان هذا اللقاء أخر عهدي بالإخوان رسميا حتي ولو لم أقدم اي استقالة أو ما شابه
ولقصة ترك التنظيم كليا في هذه الفترة تفاصيل أخرى ولكنها شديدة السؤ مع أناس غلاظ لا يعرفون ودا ولا مودة ولكن سأحجب بقيتها نظرا لأنهم ليس لديهم القدرة علي الرد في الوقت الحالي ، لكن أبسط ما في الأمر أنهم عرفوا المصدر من دون الرجوع للأستاذ عاكف وشردوه تنظيميا - والرجل حي حر يرزق - وظللت كلما رأيته تنكسر عيني ولا أستطيع أن أنظر اليه لما اقترفته في حقه
ورأيت وقتها ان انتمائي للصحافة أبقي من أي تنظيم وظللت محافظا علي مصادري الصحفية داخل الإخوان رغم كل ما قيل في حقي حتي انفردت أيضا بتفاصيل الخلاف الدائر في الاخوان منذ وفاة الاستاذ محمد هلال ومحاولة تصعيد عصام العريان واعلان الاستاذ علاكف استقالاته وتراجعه عنها الي انتخاب المكتب الجديد
والانفراد بالاعلان اسم محمد بديع مرشدا للاخوان حتي كان مانشيت الدستور يوم الاعلان الرسمي " كا انفردت الدستور وحدها محمد بديع مرشدا للإخوان "
ومع ذلك ظلت علاقتي بقيادات الاخوان تتراوح ودا وكرها من فترة الي أخرى ،
الا الأستاذ عاكف دائما علاقتي به جيدة ، دائما يحسن استقبالي ويسأل عني وعن أسرتي ، يكون من أول المعزين في وفاة والدي ، يطبطب علي قلبي بكلماته الطيبة يوم وفاة اول ابنائي يوسف ، يبارك لي طفلتي الجديدة يسر ، ولا يعبأ في أي مكان عام أمام كل الصحفيين أن يباغتني " ازيك يا واد يا عبدالمنعم وازي بنتك ومراتك "
يقبل اتصالاتي واستفساراتي الصحفية دون أي حرج ، الوحيد الذي يرحب بزيارتي لمكتب الارشاد
وفي اثناء هذه الزيارات تظهر الخصال البشرية السيئة من بعضهم ، حتي أمد يدي بالسلام ويرفض الداعية الكبير أن يصافحني
فأدخل مكتب الأستاذ عاكف غاضبا وأروي له ما حصل زي الطفل الصغير فيرد : " أنت عارف أنا باجيبك مكتب الارشاد هنا ليه قصادهم وأرضى أعمل معاك مقابلات ... عشان أغظيهم بيك "
كان دوما انسان ، تقديري لو ظل هذا الرجل مرشدا للاخوان ما كان وصوا الي هذه الحالة ، فهو يحب منتقديه ربما أكثر من الذين يسيرون علي رأيه
ورغم كل الاختلافات التي يمكن أن تتصورها ولا تتصورها بين شخصين مثل عبدالمنعم أبو الفتوح وخيرت الشاطر ، تجد هذا الرجل يحب الاثنين حبا واحد ومتساويا ، هذا هو طبعه و هذه هي خصاله ،
اختلف معه سياسيا قدر ما تختلف ، لكن لن تختلف عليه أنه انسان بكل معني الكلمة
أعتذر عن طول هذه الرواية وأعتذر أيضا لمن ستغضبه الرواية أوحتي من يشكك فيها فهذا شأنه ، لكني أراها تروي انسانية هذا الرجل ، ولعني حجبت الكثير والكثير مما يمكن أن يغضب الاخوان هنا
لكن خذوا فقط مني أني أحب هذا الرجل و أحترمه وأقدره وأنتمي اليه كشخص ويوجعني سجنه وهو هذا العمر ، اللهم فك سجنه هو و كل مظلوم
#افرجوا_عن_مهدي_عاكف
#حبس_عاكف_جريمة