شابا من انصار القوي " المدنية " يسحل مواطنا ينتمي للاخوان ام مقر الجماعة |
أسوأ أيامي هي التي أشاهد فيها هذا العنف يستشري بين الفرقاء سياسيا ، ولكن الأسوأ منه هو أن اري مدعيين الديمقراطية
والليبرالية الذين لم يكتفوا بالاستفادة بالغنف خلال الشهور الماضية لتحسين اوضاعهم السياسية او لاضعاف منافسهم السياسي ،
ولكن الامر تطور اكثر بالتحريض علي العنف الي ممارسته تحت اسم الثورة والنضال وكلامات كبيرة في غير محلها بل تستخدم في اقذر محالها
لعل اسؤا ايامنا في الثورة كانت ما تعرض له الثائرون علي كوبري قصر النيل في ٢٨ يناير ٢٠١١ وما تلاه من معركة الجمل وما تلاه من أحداث عنف السلطة العسكرية في ماسبيرو ومجلس الوزراء ومحمد محمود ثم في عهد السلطة الحالية في أحداث الاتحادية
ليكون يوم أمس هو من هذه الايام التعيسة يوم معركة " الجبل " او " المقطم "
الذي شاهدنا فيه لم نشاهده او لم اشاهده أنا اثناء الثورة ان يرفع شخص مطواه ليشق بها رأس شخص معتدي عليه وتسيل منه الدماء او اخر يندس بين من يحاولون وقف الاعتداء علي شاب فيفتح مطواته وبالبلدي " يغزه " ثم يغلقها ويسير في منتهي الطمأنينة ، ورد فعل الناس عليه " ليه بس كده كفاية " علي اعتبار انه لم يقم باقل وصف قانوني جنحة ولكن الامر عادي
الأسوأ ان تري مشاهد متعددة لسحل شباب ورجال شبيه بسحل المواطن حماده صابر
بينما لا تجد تعليقا او ردة فعل مناسبة كالتي حدثت من أجل حماده صابر
الأسوأ والانكي ان بعد ان ينتهي " النشطاء " من معركة الاعتداء والبلطجة ويعودوا الي
عالمهم السيبري ينظرون لاستخدام هذا العنف ، وعندما تعترض علي هذا العنف يقول لك احدهم بكل جهل : " العنف وحرق مقار الحزب الحاكم والاقسام كان سبب نجاح الثورة "
وهذا غير صحيح بالمرة لأن الثورة نجحت بتوافد الظهير الشعبي الذي قدره الكثيريين بانه تجاوز ١١ مليون مصري ومصرية شاركوا في هذه الثورة سلميين ، ولولا هذا الظهير الشعبي السلمي لاكمل قيادات الجيش بقيادة طنطاوي حينها الاجهاز علي النشطاء والقوي الداعية لتظاهرات ٢٥ و٢٨ يناير
الظهير الشعبي الذي كان يصل الي ميدان التحرير يحمل الي المعتصمين الاكل والدواء لا الملوتوف ولا الخرطوش ، ما الذي نراه حاليا من مدعين الديمقراطية والليبرالية والمدنية
أو كما يقوم عدد من القلة الفاشية الغير مقتنعين بالأساس بفكرة الدولة ووجدوا المناخ مناسبا لبث افكارهم الشاذة ، متحصنين او مستفيدين ايضا بقوي البلطجة المنظمة التي تندس بينهم عيانا بيانا انتقاما من هذه الثورة .
استنفار القوي المدنية تجاه العنف صمتا وتأيدا كان فيه محاولة لاستدراج الاسلاميين لمعارك جديدة شبيهة بالاتحادية ، لاستخدم تاريخ الحركات الاسلامية العنيفة ابان نهاية الثمانينات والتسعينات علي انه مستمر ، خاصة بعد تأكد هذه القوي صعوبة تنفيذ انقلاب عسكري لانتهاء هذه الموضة من التغيرات السياسية وخاصة بعد الربيع العربي ، وايضا لصعوبة حصولهم علي دعم غربي حقيقي للانقلاب علي مفهوم الانتخابات
مما سعي البعض اليه ان يستدرج الاسلاميين للعنف لنقترب اما من النموذج السوري حاليا او نموذج الجزائر في مطلع التسعينات
المنصف فينا وقف وانتقد ما مارسه ابناء التيارالاسلامي في احداث جمعة كشف الحساب في ميدان التحرير وبعدها في احداث الاتحادية بداية من اول اعتداء علي خيم المعتصمين وايضا لاستدعاء الرئيس لجماعته أو تنظيمه كبديل عن الشرطة والقوات النظامية ، وذلك رفضا للعنف ايا كان مرتكبه سلطة او جماعة بعينها وايضا رفضا ان يتحول الخلاف السياسي الي عصابات ومليشيات تحارب بعضها
وانتقد المنصف فينا هبل وخلل المجانين من الطرفين من اصحاب نظريات " بزاز السلطة وكلوتات المعارضة "
لكن الفجيعة تأتي في محورين أساسسين
الأول هو التحول عن الفكرة الليبرالية التي لا تعرفهم معني استخدام العنف او تبريره او توظيفه في الخلاف السياسي ، فان رأينا من الاسلاميين ما هو سلبي عن هذه الأفكار لأنهم لا يفهموها او غير مؤمنين بها الأساس لكن الكارثة تأتي من أصحاب الأفكار الراقية الذين يتحدثون ليل نهار عن خشية من الانقضاض علي مدنية الدولة تجدهم هم أيضا شركاء هتك هذه المدنية بالصمت عن هذا العنف أو توظيفه في خلافهم السياسي
حتي أصبح من الطبيعي ان تكون مانشيتات صحف يزعم ملاكها ورؤساء تحريرها ايمانهم بالافكار الليبرالية والمدنية بينما هم يحثون الناس حثا علي هذا العنف دون خجل
المحور الكارثي الثاني هو هذه السلطة الضعيفة التي تقود البلد بعقلية التنظيم السري الذي عاش مضطهدا لعقود وحين وصل الحكم ادار البلاد بعقلية الشخص المضطهد ايضا ، فيصنع او تنصع له أفكار المؤامرة عليه ، فيستدعي تنظيمه او حزبه ليحل محل
مؤسسات الدولة
وحتي لا يكون الكلام جزافا فقد سألت أحد رجال القصر الجديد عن حقيقة المؤامرة التي تحدث عنها الرئيس فقال لي وبالحرف الواحد ان جهاز الامن الوطني نقل له تقريرا مكتوبا عن اجتماع لعدد من القوي السياسية في مكتب احد المحامين للاعداد لاستخدام المحكمة الدستورية في الانقضاض علي سلطة الرئيس
سألت المسئول الاخواني في قصر الرئاسة هل جاءكم التقرير مشفوع بتسجيل مصور او حتي مسموع عن هذه المؤامرة فقال نصا : " الاغبياء - الامن الوطني - لم يسجلوا "
سألته : وهل صدقتم هذا التقرير فأشر الي الي بالايجاب طبعا
سألته وهل تعتقد شخص مثل مرتضي منصور يقود انقلابا بهذا الشكل ، فقالي الناس اللي فهمت الرئيس يتحدث عن مرتضي منصور ولكنه كان يقصد شوقي السيد محامي شفيق
هذا باختصار حال السلطة الضعيفة التي تحكمنا صنعت اعلانا دستوريا كارثيا بناء علي تقرير من الامن الوطني ، لتعطي الفرصة ليس فقط للمختلفين سياسيا ولكن لانصار الثورة المضادة والطامعين في كرسي الاتحادية لممارسة هذا العنف المستشري في البلاد
سلطة قررت ان تستخدم نفس ادوات الرئيس المخلوع … امن وشرطة يفبرك ويوهم الرئيس بالخطر وهو نفسه الجهاز الذي يكفر برئيس من الاخوان علي سدة حكم مصر !
وحتي يكتمل المشهد .. أنا علي قناعة تامة بالمسئولية السياسية والجنائية للداعين لمظاهرات الامس علي نتيجة ما وصل اليه هذا اليوم من عنف وبلطجة اذاء شباب وابناء وقواعد جماعة الاخوان المسلمين
لكن أيضا يتحمل معهم المسئولية قيادة هذه الجماعة التي حشدت وجيشت انصارها المخلصين وكأنهم يجيوشهم لحرب مع اسرائيل ، فبعد الشحن العاطفي والديني لقيادات الجماعة ، رفع هؤلاء المساكين المصحف في وجه المتظاهرين السلمي منهم والعنيف وكأنهم كفار وكأن المعركة علي الدين وكتب الشباب منهم علي صفحاتهم علي الانترنت " لبيك اسلام البطولة .. ولتسكب منا الدماء " وكأنها حرب عقيدة لا دفاع شرعيا عن مبني
غابت قيادته عن الصورة كليا ولو حتي بمنطق القائد القدوة الذي يقف بين جنوده
هذا هو ملخص المشهد قيادات دينية تتجار باسم الدين حفاظا علي كرسي الحكم وشرعية الصندوق ، وقيادات مدنية وليبرلية تتاجر باسم الديمقراطية طمعا في كرسي بلا صندوق
ليختصر الطرفين معادلة الحراك السياسي في مصر بين شرعيتين الاولي صندوق الانتخاب والثانية زجاجة الملوتوف .. متجاهلين ما بين الشرعيتين ان جاز اصلا اعتبارهما اساسا للحكم وحدهما دون ما بينهم من مشاركة لا مغالبة وحوار وثقة وتنازلات سياسية من اجل بناء هذا البلد واستقراره