Monday, February 3, 2014

رسائل الي بنتي يسر عن شقيقيين قد رحلا..يوسف والثورة


فكرت كثيرا أن الكتابة الي ابنتي الغالية يسر التي اتمت عامها الثالث عصر أمس  سيكون أفضل كثيرا من أن تقرأ عن هذه الأيام من مضللين ومرتزقة باتوا يزيفون تاريخنا الذي عشناه ورآيناه بعيوننا
 

يسر يا حبيبيتي الغالية أتدرين أن هذا اليوم شهد موقعة الجمل التي حث فيها رجال نظام مبارك البلطجية الذهاب الي ميدان التحرير لتفريغه من لثوار
 

يسر اعتذر اليك واروي لكي انه كان يوجد ثورة اسمها ثورة الخامس والعشرين من يناير
 

واعود بك الي الوراء قليلا يا درة عيني ..في بداية زواجي لم أكن أدرك معني الآية الكريمة " المال والبنون زينة الحياة الدنيا " وكنت أود تأجيل موضوع الأولاد حتي يفتح الله علينا بابا افضل للرزق
 

ولكن شاء الله ان يرزقنا بأخيكي الأكبر يوسف الذي استرد الله آمانته بعد يوم واحد من ولادته .. فحزنت أنا وأمك حزنا شديدا وترك في قلبينا غصة الوجع حتي ما ان نسمع اسم يوسف وكآن جرحا قد اشتد ألمه من جديد
 

لكن شاء الله عز وجل ان يعوضنا سريعا بأن حملت أمك فيكي لكنها عندما علمت بأن الجنين الذي في بطنها بنتا حزنت - ارجوكي لا تغضبي من امك - كانت تتمني ان الجنين الذي يتحرك في أحشاؤها ان يكون ولدا ونسميه يوسف .. فهونت عليها وقلت لها المثل الشهير أن البنا تأتي برزقها .. وقد كان يا وش الخير … كانت خيرا ورزقا واسعا من الله
 

كنا قد قررنا أن نسميك مريم حبا في أمنا البتول مريم العزراء .. إلا وأن في أيام حملك الأخيرة دعا شباب صادق محب لوطنه النزول الي الميادين ضد نظام بغي وتجبر - لعلي في رسالة اخري ساروي لكي ما تجبر به هذا النظام علي ابيكي نفسه -
 

ولبي الناس الدعوة الصادقة وخرجوا الي الميادين يهتفون الشعب يريد إسقاط النظام
 

واشتعلت هذه الثورة في يوم الثامن والعشرين من يناير .. حينها نزل ثلاثتنا الي الميدان انا وامك وأنت التي كنت حينها في بطنها وشاركنا في يوم الغضب بدءا من مسجد الاستقامة في الجيزة مع الدكتور محمد البرادعي الذي كان حلما ومضي والي جواره من كنا في يوم نصدقهم ونضعهم في مراتب المخلصين
 

واعتدي علينا رجال النظام بالقنابل المسيلة للدموع والمياه والضرب بالعصي وانا امشي اي جوار أمك كالهراوات التي يحملها العسكار ادفع عنها اي شئ فأنا أخشي مجددا وجع الفقد يا حبيبتي .. كنت أفرغ علي وجه أمك زجاجات المياة الغازية التي تكشفنا انها تضيع اثر القنابل المسيلة الدموع كنت افرغها علي وجهها كصنبور منفجر
 

واستمر الناس في الميادين وأمك " المجنونة " لا تبرح أن تنزل وسط الناس حتي ان أن شب بيننا خلافا كبيرا كاد ان يعصف بحياتنا الزوجية أنا أخشي عليها وعلي الحمل الذي بقي له أقل من أسبوع ويستقر وهي تريد إسقاط النظام مع الناس ، وظلت أمك في الميدان حتي ليلة ولادتك واضطرت الي الذهاب الي المستشفي في صبيحة يوم الثاني من فبراير حتي الموعد وأن نراكي
 

حينها قررنا أن نغير اسمك من مريم الي يسر .. تمنيا في قول الله عزو جل " إن مع العسر يسرا " فرأينا فيك يسر الله الآول ورأينا في الثورة وعد الله باليسر الثاني
 

فالثورة يا يسر هي شقيقيتك … الثورة هي توأمك .. هكذا رآينها
 

في هذا اليوم الذي لم نستطع أن نزل فيه الي الميدان شن بلطجية النظام معركة تعود في صورتها للقرون الأولي حيث ركبوا البغال والحمير والجمال الي الميدان اتفريغه من الثوار وظللنا نتابع أنا وأمك ما يجري ونعتصر خوفا من فقد قد جربناه .. نخشي ان نفقدك ونخشي ان فقد الامل الذي لاح الينا نخشي ان فقد الثورة
 

وفي عصر هذا اليوم صرختي الي الدنيا ثائرة .. وكان الي جوارك صرخات الميدان المخلص .. حتي أن أمك وهي الإفاقة وتهذي من المخدر كانت تتحدث عن الميدان وقلها علي التوأم .. قلقة علي الثورة وبين أن تسأالني عنكي وتسألني عن حال الناس في الميدان
 

وخرجنا في صباح الثالث من فبراير من المستشفي واودعتك وأمك بيت جدك .. واعذريني يا حبيبتي تركتك بعدها بساعات شوقا الي الميدان
 

وأنا علي أعتابه كان مازال " المواطنين الشرفاء " يحاصرونه فوجدت شابة في مقتبل العمر يتجمع حولها مدعون الشرف هؤلاء ورجال من الشرطة العسكرية وهي تصرخ فيها حادخل بكل اللي معايا وهم يسبونها ويسبون الميدان .. كانت تحمل كارتونة بها مياة وطعام للميدان الذي قرر مبارك ورجاله محاصرته .. قلقا علي البنت وفي محاولة من تخليصها قدمت نفسي وكأني مع الشرفاء وصرخت فيها " بصي عايزة تدخلي حندخلك بس تسيبي الأكل وأنا حوصلك بنفسي " والبنت تصرخ في وترفض فحاولت أن غمز ٌليها بطرف عيني علها تفهم أو تطمئن حتي فهم من حولها وهي تأبي أن تتنازل حتي استطعت اقناعها بترك الطعام ودخلنا الي الميدان وسألتها : " أنتي من ٦ أبريل .. فقالت لي أنها ليست عضو في أي حركة سياسية وأنها أول مرة في حياتها تنزل لتشارك في تظاهرات .. فقلت لها هذه ليست تظاهرات هذه ثورة .. فأجابت لهذا أنا نزلت لأولد من جديد معها
 

الميلاد الجديد يا يسر كان رفيقا لمولدك .. شعر الجميع انهم يولودن معك يبدأون حياتهم معك في نفس سنك رغم ما هرموا ورأوا في هذه الدنيا
 

ومرت الثامني عشر يوما ونجحت الثورة أن تطيح برأس النظام الذي كان أشبه بالفراعين الذين لا يموتون ومرت الثورة بمخاضات كثيرة لعل ميلادك دوما كان حاضرا فيها … لكن كانت الثورة حتي وقت غير بعيد هي الابنة المدللة في عيون الكثيريين مثلك تماما يا حبية بابا .. ورغم كل المخاض كان صوت الثورة قوي في ذكري مولدك الاول أقمنا حفل عيد الميلاد في جريدة التحرير عندما كانت آو كنا نظن أنها الينا أقرب وكتبنا علي الثورتة " يسقط حكم العسكر " هكذا كنا نهتف جميعا ضد العسكر الذين كانوا يحاولون من أول يوم أن يختطفوا الثورة ويقتلوا وسيجنوا زهرة شبابها .. في عيد ميلادك الثاني ابتعدت المسافات كثيرا لكنا كتبنا أيضا علي التورتة " يسقط حكم العسكر "
 

في عيد ميلادك الثالث الذي احتلفنا به علي عجل وفي بلد غريب بعيد عن مصر بعد أننا قررت أن أهرب بك كي لا أفقدك كما فقدت يوسف وكما فقدت الثورة كتبنا علي ورقة مستعملة بجوار تورتة صغيرة أيضا " يسقط حكم العسكر " الذي قتل الثورة ونهش كل جميل فيها وشاركه في ذلك الطامعين والكارهين والأغبياء
 

أكتب اليك يا حبة عيني لتعرفي أنه كان لك شقيق أكبر اسمه يوسف قد فقدناه في طريق الحياة وأننا فقدنا الثورة آيضا توأم مولدك نصف اليسر الذي رأينها وعشناه وحلمنا به  … ونشعر بنفس الغصة والوجع الذي شعرناه بنبأ فقدان يوسف ..
 

لكن أملي أن تكون الثورة كنبي الله يوسف وليس كشقيقك الذي لا استطيع أن أعيده
 
لدي أمل أن الثورة بعد أن ألقي بها الأشقاء قبل الأعداء في غيابة الجب أن تعود من جديد تهزم وجعنا وتهزم كل من غدر بها وسلمها رهينة للعسكر